بقي أن نشير إلى ما ذكره بعض المؤرخين أن عمر رضي الله عنه حاول ضرب الدراهم من جلود الإبل، فقيل له ستهلك الإبل، فأمسك عن ذلك، وجزم الكتاني في التراتيب الإدارية نقلا عن توفيق البكري في شرحه صهاريج اللؤلؤ: أن عمر رضي الله عنه كان يستعمل الورق والجلود كنقود، وأنشد لأبي تمام (١).
لم ينتدب عمرا للإبل يجعل من ... جلودها النقد حتى عزه الذهب
المرحلة الثالثة:
إذا تجاوزنا كل روايات المؤرخين التي ذكرت ضرب الدراهم والدنانير قبل عبد الملك بن مروان وهي بجملتها روايات يشك في صحتها، فإن إجماع المؤرخين منعقد على أن عبد الملك كان أول من ضرب النقود في الإسلام، فقد ضرب الدنانير المنقوشة عام ٧٤هـ، ثم ضربها له الحجاج عام ٧٥هـ، ثم عممت التجربة عام ٧٦هـ؛ ويعلل المؤرخون هذه الخطوة بسبب استياء العلاقات بين الروم والدولة الأموية بعد حربهم عام ٧٣هـ، حيث صالحهم عبد الملك بسبب مشاكله الداخلية على أن يدفع لهم إتاوة سنوية ثم رفض دفعها، وهاجم الروم ثانية في عهد: جستنيان الثاني (الأخرق)(٦٨٥ - ٦٩٥) م، وتوالت انتصارات المسلمين واستعدوا للهجوم على القسطنطينية.
وذكر الطبري في حوادث عام ٧٣هـ وفيها: (غزا محمد بن مروان الصائفة، فهزم الروم، واقترنت هذه الحرب بمسألة خطيرة تعرف بمسألة القراطيس، حيث كانت الروم تستورد الورق من مصر مقابل دنانير الروم