للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤيد من دمشق عام ٨١٧ ومعه الدراهم البندقية والنوروزية نسبة لنوروز الحافظي والي دمشق، فتعامل الناس بها، وتضخم الفلوس، هذا هو الذي ألف الحافظ السيوطي بسببه رسالته "قطع المجادلة عند تغيير" المعاملة.

والمشهور تاريخيا أن عصر المماليك يعرف بعصر النحاس؛ لكثرة فلوسه النحاسية، وبسبب تضخم الفلوس وإجبار السلطان شعبه على التعامل بها أخذ الفرنجة الصليبيون يحملون النحاس الأحمر من بلادهم ويبيعونه في ديار الإسلام بدراهم الفضة، وتأخذها إلى بلاد الفرنج (١).

المقريزي عدو الفلوس:

يقول المقريزي: إن الفلوس لم يجعلها الله سبحانه نقدا في قديم الدهر وحديثه حتى راجت في أيام الناصر فرج بن برقوق ٨٠٨ هـ، وكان قبيح السيرة، وقد حدث من رواج الفلوس خراب الإقليم وذهاب نعمة أهل مصر، فإن الفضة هي النقد الشرعي، أما الفلوس فهي أشبه شيء بلا شيء، فيصير المضاف مضافا إليه، إلى أن يقول ولا يعلم في خبر صحيح ولا سقيم عن أمة من الأمم اتخذوا نقدا غير الذهب والفضة، أما السفاسف والمحقرات والتوافه فقد احتاج الناس لشرائها بأقل من الدرهم وأجزائه، فكانت الفلوس وسيلة هذه المبادلات ولكنها لم تكن نقدا البتة، ولم يوجد منها إلا اليسير، ولم تقم في إقليم ما بمنزلة النقدين (٢).

وهذه التعاميم من المقريزي لا تصح على إطلاقها، فقد أجازت البشرية عند مطلع حاجاتها للنقود ما هو أدنى من الفلوس قيمة كالصدف والجلود ولحاء الشجر.

فالفلوس معروفة منذ عرف الدرهم والدينار ولكنها كانت فعلا بمنزلة


(١) النقود العربية للكرمللي ص٦٤.
(٢) النقود العربية للكرمللي ص٦٧.