للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النقد الضعيف والخسيس، ولم يرتفع شأنها وتروج رواج النقدين إلا في العصر الصليبي والمملوكي المسمى بعصر النحاس، وكان التعامل بها مضطربا بين الوزن والعدد، وتارة تكون مثلية وأخرى متقومة.

ويصر المقريزي على ضرورة الاعتماد على الذهب والفضة كنقد متداول، ولا يلجأ إلى ضرب الفلوس إلا بمقدار حاجة الناس إلى شراء المحقرات، أما تداول الفلوس كنقد في شراء سائر المبيعات فهو: بدعة أحدثوها وبلية ابتدءوها، ولا أصل لها في ملة نبوية، ولا مستند لها في طريقة شرعية، ولا شبهة لمبتدعها في الاقتداء بفعل أحد ممن غير ولا ائتناسه بقول واحد من البشر سوى شيء نشأته ذهاب بهجة الدنيا وزوال زينتها، وشمول الفاقة للجمهور مع الذلة - ليقضي الله أمر كان مفعولا (١).

قانون غريشام وضعه المقريزي قبل خمسة قرون:

هناك قانون في تاريخ النقود ينسب خطأ إلى (غريشام) وزير مالية الملكة فيكتوريا، ومضمونه يقول: (النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من التداول)، فعندما يطرح في السوق نقد رديء يسارع الناس للتعامل به والاحتفاظ بالنقد الجيد الذي يختزنه الناس لقيمته، وهذا الكلام طرحه المقريزي عندما يعزو سبب كثرة الفلوس إلى تلاشي الذهب والفضة من الأسواق أو عدم ضربها، ويكتنزها الناس حليا للترف والمباهاة، والفرنج تأخذ ما بمصر من الدراهم إلى بلادهم، وأهل البلد تسبكها طلبا للفائدة، حتى عزت وكادت تفقد، وراجت الفلوس رواجا عظيما، حتى نسب إليها سائر المبيعات، وصار يقال كل دينار: بكذا من الفلوس (٢).

ثم دعا إلى إعادة الاعتبار النقدي للذهب والفضة فما عداهما لا يصلح


(١) النقود في الإسلام - د. رفيق المصري ص٧٦ ينقل عن إغاثة الأمة لكشف الغمة.
(٢) النقود العربية للكرمللي ينقل كلام المقريزي ص ٦٩.