الربا الثمينة مختلف في طبيعتها؛ فغلبة الثمنية هي المناط في حاشية العدوي، وقال الخرشي: يكفي مطلق الثمنية في تحقيق العلة، وحيث قامت الثمنية ولو قليلة في الكاغد والفلوس تدخل الأموال الربوية.
واستدل على أن للنائب حكم المنوب، بما روى مسلم في صحيحه، وهو في الموطأ: قال مالك: أنه بلغه أن صكوكا خرجت للناس في زمن مروان بن الحكم من طعام (الجار)[مكان بساحل البحر الأحمر يجمع فيه الطعام]، فتبايع الناس تلك الصكوك قبل أن يستوفوها، فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - صرح مسلم في روايته أنه أبو هريرة رضي الله عنهم- على مروان بن الحكم فقالا: أتحل الربا يا مروان؟ فقال أعوذ بالله وما ذلك؟ فقالا: هذه الصكوك تبايعها الناس، ثم باعوها قبل أن يستوفوها، فبعث مروان بن الحكم الحرس ليتبعونها ينزعونها من أيدي الناس ويردونها إلى أهلها (١).
والصكوك رقاع مكتوب فيها أعطيات الناس من الطعام، والظاهر أنها راجت كرواج النقد الورقي المعاصر، ولكن المنع الذي فرضه الصحابة إنما كان على بيع الطعام قبل قبضه، ولكن يستدل منها أن ما ناب عن الطعام له حكم الطعام، فكذلك ما ناب عن الذهب له حكم الذهب.
القول الخامس: الورق النقدي نقد مستقل.
انطلاقا من التعليل بالثمنية قررت هيئة كبار العلماء، في المملكة العربية السعودية، في فتواها الخاصة بشأن الورق النقدي ما يلي:
(وحيث إن القول باعتبار مطلق الثمنية علة في جريان الربا في النقدين
(١) الزرقاني على الموطأ ٣/ ٢٨٤، والباجي في المنتقى ٤/ ٢٨٤.