كان هذا النقد قبل الحرب العالمية الأولى لا يتمتع بصفة الإلزام، بل هو سند بدين، على بنك الإصدار، يمكن لحامله استبداله بقيمة من الذهب والفضة إذا أراد، ولكن سيطرة مبدأ النقود الإلزامية بعد الحرب العالمية الأولى - جعلت الأمر يختلف، فقد أوغل النقد الورقي إيغالا شديدا في النقدية، وأصبح هو المتداول في السوق، ولا نكاد نرى الذهب والفضة إلا عند صاغة الحلي؛ ولهذا أفتى مجمع البحوث الإسلامية بأنه جنس نقد مستقل له كل أحكام الذهب والفضة في الربا والزكاة وغيرها من الأحكام، ويجب أن يفرغ الفقهاء من هذه المسألة نهائيا، ولا بد من التسليم بنقديته المستقلة التي اكتسبها بالعرف والاصطلاح، ومطلق الثمنية كافية في التعليل والله أعلم.
وفي مرحلة النقود الاختيارية، كان الفقهاء يفتون بوجوب زكاته إذا بلغ نصاب أحد النقدين المغطى به، وفق سعر التعادل، وقد أفتى المرحوم أبو زهرة وخلاف بتقديره بنصاب الذهب، كما ذهب صاحب الفتح الرباني إلى تقديره بالفضة.
وبعد أن صار النقد إلزاميا لا يمكن استبداله، كان الصواب والله أعلم أن يقدر بأقل النصابين لمصلحة الفقراء، وهذا يعني أن نصاب النقد الورقي لا يمكن أن يكون رقما ثابتا، بل هو تابع لعوامل متعددة، يعرفها الراسخون في علم اقتصاد النقود.
وبما أن البحث الفقهي والتاريخي قد انتهى إلى تقدير نصاب الذهب الشرعي بـ٨٥ غرام، ونصاب الفضة بـ٥٩٥ غرام (١)، وهو التقدير الصحيح فيما