للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالله وذكره إلا كان ردفه ملك، ولا يخلو بشعر ونحوه إلا كان ردفه شيطان (١)».

قلت: والحديث الأول محمول على بغضه - عليه الصلاة والسلام - لذلك النوع من الشعر الذي تفوح منه رائحة الفحش وهتك الأعراض المصونة، والنيل من كرامات الناس بساقط القول وباطل الادعاء.

قال أحمد عبد الرحمن البنا في تعليقه على هذا الحديث: "هذا محمول على ما كان فيه فحش ونحوه" (٢).

أما الحديث الثاني: فإن تفسير نفث الشيطان بالشعر هو من تفسير الراوي، وهو- وإن ورد في بعض الروايات مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فمحمول على أن المراد به الشعر المذموم الفاسد القبيح، قال الشيخ ناصر الدين الألباني في تعليقه على هذا الحديث: (فسر بعض الرواة همزه: بالموتة، وهو بضم الميم وفتح التاء: نوع من الجنون، (ونفخه) فسره الراوي: بالكبر، (ونفثه) فسره الراوي: بالشعر، والتفسيرات الثلاثة وردت مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسند صحيح مرسل، والمراد بالشعر: الشعر المذموم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن من الشعر حكمة (٣)» رواه البخاري) (٤).

أما بالنسبة للحديث الثالث: فإن السفر لا يناسبه ملازمة الشعر والغناء واللهو، وإنما يناسبه أن يظل المسافر المسلم متعلق القلب بالله،


(١) رواه الطبراني في المعجم الكبير (رقم / ٨٩٥)، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٦٧)، والهيثمي في مجمعه (١٠/ ١٣١) وقال: إسناده حسن، والألباني في صحيح الجامع (٥٥٨٢) وحسنه أيضا.
(٢) الفتح الرباني (١٩/ ٢٧٤)، دار الشهاب- القاهرة.
(٣) صحيح البخاري الأدب (٦١٤٥)، سنن أبو داود الأدب (٥٠١٠)، سنن ابن ماجه الأدب (٣٧٥٥)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٢٥)، سنن الدارمي الاستئذان (٢٧٠٤).
(٤) صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - (ص٨٩) الطبعة السادسة، المكتب الإسلامي ١٣٩١هـ.