كان في مدح دين وإقامة الشرع، وإن كان فيه الخمر ممدوحة بصفاتها الخبيثة من طيب رائحة وحسن لون وغير ذلك مما يذكره من يعرفها، وقد مدح فيه كعب بن زهير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: - بانت سعاد فقلبي اليوم متبول. .
إلى قوله في صفة ريقها:
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت ... كأنه منهل بالراح معلول).
وعلق على كلامه قائلا:(العراق: وهذه القصيدة قد رويناها من طرق لا يصح منها شيء، وذكرها ابن إسحاق بسند منقطع، وعلى تقدير ثبوت هذه القصيدة عن كعب وإنشاده بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليس فيها مدح الخمر، وإنما فيها مدح ريقها وتشبيهه بالراح) ا. هـ (١).
وقد تحدث الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه (شرح معاني الآثار) عن اختلاف العلماء حول إنشاد الشعر في المساجد، إذ ذهب قوم إلى كراهة ذلك، محتجين بحديثي عمرو بن شعيب وحكيم بن حزام السالفين، ولم ير آخرون في إنشاده الشعر في المسجد بأسا، إذا كان ذلك الشعر مما لا بأس براويته وإنشاده في غير المسجد، واحتجوا بما روي عن النبي الله - صلى الله عليه وسلم - من أنه كان يضع لحسان منبرا في المسجد ينشد عليه، وبما روي من حديث حسان حين مر به عمر وهو ينشد الشعر في المسجد، فزجره، فقال له حسان:(قد كنت أنشد فيه الشعر، وفيه من هو خير منك) وذلك بحضرة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دون أن ينكر عليه ذلك منهم أحد، ثم ذهب - رحمه الله - إلى توجيه الأحاديث التي تفيد المنع أو الكراهة فقال:
١ - قد يجوز أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أراد بذلك الشعر الذي نهى عنه أن
(١) تحفة الأحوذي (٢/ ٢٧٦). والظلم: ماء الأسنان وبريقها، أو الثلج، والجمع (ظلم).