للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقربونهم إلى الله زلفى، كفرة بهذا العمل، وهو عبادتهم إياهم بالذبح والنذر والدعاء والاستغاثة ونحو ذلك.

وقد دعاهم -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين يقول لهم: يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، فأعرض عنه الأكثرون، ولم يهتد إلا الأقلون، ثم أجمع رأيهم على قتله، فأنجاه الله من شرهم ومن كيدهم، وهاجر إلى المدينة -عليه الصلاة والسلام-، فأقام بها شريعة الله ودعا فيها إلى الله، وتقبل الدعوة الأنصار -رضي الله عنهم-، وجاهدوا معه -عليه الصلاة والسلام-، وجاهد معه المهاجرون من قريش ومن غيرهم، حتى أظهر الله دينه، وأعلى كلمته، وأذل الكفر وأهله.

وهذا النوع الذي أقر به المشركون هو توحيد الربوبية، وهو توحيد الله بأفعاله من خلق ورزق وتدبير وإحياء وإماتة وغير ذلك من أفعاله سبحانه كما سبق.

وهو حجة عليهم في إنكارهم توحيد الله بالعبادة لأنه يستلزمه، ويدل عليه ويوجبه، فلهذا أقام الله الحجة عليهم بهذا الإقرار فقال: {فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (١)، وفي الآيات الأخرى: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (٢)، {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (٣).

ومن تدبر هذا الأمر الذي أقروا به، استفاد لو عقل أن هذا المتصف بهذه الصفات هو المستحق لأن يعبد، ما دام هو الخلاق وهو الرازق وهو المحيي وهو المميت وهو المعطي وهو المانع وهو المدبر للأمور، وهو العالم بكل شيء والقادر على كل شيء، فكيف تصرف العبادة لغيره، بل كيف يرجى غيره، ويخاف غيره، لو عقل أولئك الكفار، ولكنهم لا يعقلون:


(١) سورة يونس الآية ٣١
(٢) سورة يونس الآية ١٦
(٣) سورة يونس الآية ٣