للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (١)، وقال في المنافقين: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} (٢)، وهكذا أشباههم كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (٣)، هؤلاء هم الغافلون حقا، وهم أشباه الأنعام بل هم أضل منها، كما وصفهم الله في آيات بينات، وحجج نيرات، وبراهين ساطعات، ومع ذلك لم يفهموها ولم يعقلوها، واستمروا على كفرهم وضلالهم، حتى حاربوه -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الخندق " يوم الأحزاب "، استمروا في كفرهم وضلالهم، ولم تنفع فيهم الآيات، ولم يستفيقوا من غفلتهم وإعراضهم، ولله الحكمة البالغة -سبحانه وتعالى- والحجة الدامغة.

ثم إنه سبحانه أظهر نبيه، وأعز دينه، وقهر الأعداء، فغزاهم -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح، ونصره الله عليهم، وفتح بلادهم، ودخلوا في دين الله أفواجا، وعند ذلك أظهر -عليه الصلاة والسلام- توحيد الإلهية، وقبله الناس، ودخلوا في الحق، ثم قامت ضده هوازن، وأهل الطائف؛ فأظهره الله عليهم، وشتت شملهم، واستولى -عليه الصلاة والسلام- على نسائهم وذرياتهم وأموالهم، وجعل الله العاقبة والنصر لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، ولعباده المؤمنين فالحمد لله على ذلك.

والنوع الثاني: توحيد الأسماء والصفات، وهو أيضا من جنس توحيد الربوبية، قد أقروا به وعرفوه. وتوحيد الربوبية يستلزمه؛ لأن من كان هو


(١) سورة المجادلة الآية ١٩
(٢) سورة البقرة الآية ١٨
(٣) سورة الأعراف الآية ١٧٩