للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن محمود بن لبيد الأشهلي الأنصاري -رضي الله عنه-، ورواه الطبراني أيضا والبيهقي وجماعة مرسلا عن محمود المذكور، وهو صحابي صغير لم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن مرسلات الصحابة صحيحة وحجة عند أهل العلم، وبعضهم حكاه إجماعا.

ومن ذلك قول العبد ما شاء الله وشاء فلان، أو لولا الله وفلان، أو هذا من الله ومن فلان.

هذا كله من الشرك الأصغر كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد صحيح عن حذيفة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان (١)».

ومن هذا ما رواه النسائي عن قتيلة أن اليهود قالوا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنكم تشركون، تقولون ما شاء الله وشاء محمد، وتقولون والكعبة، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا ما شاء الله ثم شاء محمد. وفي رواية للنسائي أيضا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- «أن رجلا قال: يا رسول الله ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله ندا ما شاء الله وحده (٢)». ومن ذلك ما ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٣) قال: هو الشرك في هذه الأمة، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي، وتقول لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلانا. هذا كله به شرك، رواه ابن أبي حاتم بإسناد حسن.


(١) سنن أبو داود الأدب (٤٩٨٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٩٩).
(٢) سنن الترمذي كتاب الفتن (٢١٥٨)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠١٩)، سنن أبو داود الديات (٤٥٠٢)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٣٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٦٢)، سنن الدارمي الحدود (٢٢٩٧).
(٣) سورة البقرة الآية ٢٢