للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو داود وابن حبان في صحيحه، وفي إسناده يحيى بن أيوب وهو الغافقي المصري، احتج به البخاري ومسلم، وله مناكير، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال أحمد: سيئ الحفظ، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقد قال كل من وقفت على كلامه من أهل اللغة: إن المراد بقوله: يبعث في ثيابه التي قبض فيها، أي في أعماله. قال الهروي: وهذا كحديثه الآخر: يبعث العبد على ما مات عليه، قال: وليس قول من ذهب إلى الأكفان بشيء؛ لأن الميت إنما يكفن بعد الموت. انتهى. قال الحافظ المنذري: وفعل أبي سعيد راوي الحديث يدل على إجرائه على ظاهره، وأن الميت يبعث في ثيابه التي قبض فيها، وفي الصحاح وغيرها أن الناس يبعثون عراة، وقال هذا السفاريني وزاد: " وحمل كثير من العلماء الحديث على الشهداء الذين أمر أن يدفنوا في ثيابهم التي قتلوا فيها، وأن أبا سعيد سمع الحديث في الشهداء فحمله على العموم ". والله أعلم.

وقد بين سبحانه تعالى صفات المجرمين يوم القيامة عندما يحشرون فقال تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} (١) أي زرق العيون من شدة ما يرون من الهول، وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (٢) جزاء على إعراضه عن دين الله تعالى في الحياة الدنيا لما جاءته به الرسل عن الله تبارك وتعالى واتباع الهوى. وقال تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} (٣) جزاء على صنيعهم في حياتهم الدنيا، فتحشر


(١) سورة طه الآية ١٠٢
(٢) سورة طه الآية ١٢٤
(٣) سورة الإسراء الآية ٩٧