للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - الدلالة من ظاهر الحديث أن شفاعته - صلى الله عليه وسلم - الأولى في أهل الموقف ليعجل الرب سبحانه وتعالى حسابهم، ويراحوا من هول الموقف - ظاهر من قوله - صلى الله عليه وسلم -، كما استنتجه القرطبي:

(أ) عندما يعتذر كل نبي " لست لها لست لها " حتى انتهى الأمر إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أنا لها (١)». أي من مقتضى سياق أول الحديث.

(ب) قوله: «فيقال يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه (٢)» يدل على أنه شفع فيما طلب من تعجيل حساب أهل الموقف، فإنه أمر بإدخال من لا حساب عليه من أمته، فقد شرع في حساب من عليه حساب من أمته وغيرهم.

(جـ) قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أمتي أمتي (٣)» اهتمام بأمر أمته، وإظهار محبته فيهم وشفقته عليهم.

٣ - أمر الشفاعة العظمى واضح من مقتضى سياق أول الحديث، ومقصود السلف في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث - هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد دخولها، فيذكرون هذا القدر من الحديث الذي فيه النص الصريح في الرد عليهم فيما ذهبوا إليه من البدعة المخالفة للأحاديث. كما ارتآه ابن أبي العز. فنكون بهذا وقفنا إن شاء الله تعالى على ثبوت شفاعته - صلى الله عليه وسلم - بادئ ذي بدء في أهل الموقف، ليحكم بينهم وإراحتهم من هول الموقف وشدة ما هم فيه.


(١) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٤٧٦)، صحيح مسلم الإيمان (١٩٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٤٨)، سنن الدارمي المقدمة (٥٢).
(٢) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٧١٢)، صحيح مسلم الإيمان (١٩٤)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٣٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣٦).
(٣) صحيح البخاري التوحيد (٧٥١٠)، صحيح مسلم الإيمان (١٩٣)، سنن الترمذي صفة جهنم (٢٥٩٣)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٣١٢)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٤٨)، سنن الدارمي المقدمة (٥٢).