للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«أقول يا رب أمتي أمتي (١)» اهتمام بأمر أمته وإظهار محبته فيهم وشفقته عليهم. وقوله: «فيقال يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه (٢)»، يدل على أنه شفع فيما طلب من تعجيل حساب أهل الموقف، فإنه لما أمر بإدخال من لا حساب عليه من أمته فقد شرع في حساب من عليه حساب من أمته وغيرهم، وكان طلب هذه الشفاعة من الناس بإلهام من الله تعالى لهم حتى يظهر في ذلك اليوم مقام نبيه - صلى الله عليه وسلم - المحمود الذي وعده ولذلك قال كل نبي: لست لها، حتى انتهى الأمر إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أنا لها (٣)» (٤).

وقال ابن أبي العز: " والعجب كل العجب من إيراد الأئمة لهذا الحديث من أكثر طرقه لا يذكرون أمر الشفاعة الأولى في مأتى الرب سبحانه وتعالى لفصل القضاء، كما ورد في حديث الصور؛ فإنه المقصود في هذا المقام ومقتضى سياق أول الحديث فإن الناس يستشفعون إلى آدم فمن بعده من الأنبياء في أن يفصل بين الناس ويستريحوا من مقامهم، كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه، فإذا وصلوا إلى الجزاء إنما يذكرون الشفاعة في عصاة الأمة وإخراجهم من النار، وكان مقصود السلف في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد دخولها، فيذكرون هذا القدر من الحديث الذي فيه النص الصريح في الرد فيما ذهبوا إليه من البدعة المخالفة للأحاديث (٥) ". وهناك أقوال كثيرة حول حديث الشفاعة، وقد اخترنا هذه الأقوال لأمور حول هذا الحديث:

١ - توجيه الأحاديث كما بينه القاضي، فيكون أول ما يشفع فيه - صلى الله عليه وسلم - في أهل الموقف لإراحتهم من هول ما هم فيه.


(١) صحيح البخاري التوحيد (٧٥١٠)، صحيح مسلم الإيمان (١٩٣)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٣١٢)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٤٨)، سنن الدارمي المقدمة (٥٢).
(٢) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٧١٢)، صحيح مسلم الإيمان (١٩٤)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٣٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣٦).
(٣) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٤٧٦)، صحيح مسلم الإيمان (١٩٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٤٨)، سنن الدارمي المقدمة (٥٢).
(٤) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ١/ ٢٩٦ - دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
(٥) شرح العقيدة الطحاوية صـ ١٩٥، صـ ١٩٦، تحقيق شعيب الأرناءوط.