للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شفاعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لأهل الموقف وهي المقام المحمود الذي قال الله تعالى فيه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (١) فهذا نوع من أنواع شفاعته - صلى الله عليه وسلم - ومن أنواعها ما روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا (٢)» ومرتكب الكبيرة ليس بمشرك فهي نائلته إن شاء الله.

وورد من أنواع الشفاعة شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض؛ لما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم، قلنا: يا رسول الله وما الجسر؟، قال: مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان، المؤمن عليها كالطرف، وكالبرق، وكالريح، وكأجاود الخيل والركاب، فناج مسلم، وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمنين يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى إنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوهم، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول:


(١) سورة الإسراء الآية ٧٩
(٢) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة انظر: جامع الأصول حديث ٨٠١١ جـ ١٠ صـ ٤٧٦، وانظر: صحيح البخاري (بشرح فتح الباري) جـ ١١ صـ ٩٦. ومسلم (بشرح النووي) جـ ٣ صـ ٧٤.