للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكمه كذلك بين الحكمين، فلا يكون حكمه حكم الكافر ولا حكم المؤمن وإنما له حكم بينهما.

المناقشة: نقول لهم:

أولا: إن قولكم - مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين يتضمن نفي الإيمان بالكلية عن مرتكب الكبيرة. وهذا باطل. بل هو مؤمن ناقص الإيمان قد نقص إيمانه بقدر ما ارتكب من معصية فهو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته. فلا يكون له الاسم مطلقا، ولا يسلب منه مطلق الإيمان. ومما يدل على أن الفاسق لم تخرجه كبيرته من الإيمان ما يلي:

١ - الآيات والأحاديث الناطقة بإطلاق لفظ الإيمان على العاصي كقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (١).

فقد أطلق اسم الإيمان على الطائفتين المتقاتلتين من المؤمنين؛ مما يدل على أن كبيرة القتل لم تخرجهما من الإيمان، وكذلك كبيرة البغي (٢). ومن الأحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية أبي ذر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق ?، فقال - صلى الله عليه وسلم -: وإن زنى وإن سرق (٣)» الحديث.


(١) سورة الحجرات الآية ٩
(٢) الروضة الندية شرح الواسطية صـ ٣٩٢ (بتصرف).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا أدخل الجنة. انظر صحيح مسلم جـ ١ صـ ٥٣.