للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الإرجاء لا يعد مذموما؛ لأنه إرجاء أمر الصحابة إلى الله لما حصل بينهم من الاختلاف، ولم يتبرأ منهم.

ثانيا: إرجاء أمر مرتكب الكبيرة.

وقد نشأ هذا النوع بظهور الخوارج وحكمهم بالكفر على مرتكب الكبيرة واختلافهم فيه. وبيان ذلك: أنهم قالوا: بالكفر على مرتكب الكبيرة ثم افترقوا فرقا وأخذ حكمهم يتنازل في حكم مرتكب الكبيرة حتى تولدت المرجئة.

فقد ذكر الشهرستاني عن الحازمية - وهي من فرق الخوارج - أنهم يتوقفون في أمر علي بن أبي طالب ولا يصرحون بالبراءة منه (١).

ويروي ابن سعد عن بعض المحدثين كمحارب بن دثار السدوسي (قاضي الكوفة) أنهم يتوقفون في أمر علي بن أبي طالب وعثمان، ولا يشهدون لهما بإيمان ولا كفر. إذا ما هو موقفهم؟، إنه الإرجاء (٢).

ومما ذكرته يتضح أن التوقف من قبل بعض الخوارج هو البذرة الأولى في ظهور المرجئة الأولى الذين لا يشهدون بإيمان ولا كفر على مرتكب الكبيرة. والأصل عندهم في قولهم: مرتكب الكبيرة هم الصحابة. قال ابن أبي العز في شرحه للطحاوية: وكانت المرجئة الأولى يرجئون عثمان وعليا، ولا يشهدون بإيمان ولا كفر (٣).

ومن هؤلاء: محارب بن دثار السدوسي، كما قال ابن سعد (٤)، ومنهم أيضا خالد بن سلمة الكوفي الفأفاء. كما قال الذهبي (٥).


(١) الملل والنحل جـ١ صـ ١٣١.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد جـ ٦ صـ ٣٠٧.
(٣) شرح الطحاوية صـ ٤٧٧.
(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد جـ ٦ صـ ٣٠٧.
(٥) انظر: سير أعلام النبلاء جـ ٥ صـ ٣٧٣ - ٣٧٤.