للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل إن الله لم يسو بين الطائفتين من المؤمنين حيث فضل بعضهم على بعض بحسب الإيمان والعمل الذي قدموه، حيث يقول سبحانه: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (١) الآية.

ويقول - سبحانه -: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (٢) الآية.

فإذا كان سبحانه لم يسو بين المؤمنين بل فضل بعضهم على بعض بحسب العمل الذي قدموه فكيف يسوي بين المؤمنين والفساق (٣).

وقد ناقشهم الملطي - رحمه الله - وألزمهم الحجة حيث قال:

أخبرونا عن قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (٤) الآية، وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (٥). أهذا شيء قاله على حقيقة القول أم على المجاز؟ فإن قالوا: على المجاز، جعلوا إخبار الله عن وعده على المجاز وهذا كفر ممن قاله؛ لأن أحدا لا يتيقن حينئذ بخبره إذا لم يكن له حقيقة وصحة، وإن قالوا على الحقيقة، قيل لهم: أخبر الله عز وجل أنه


(١) سورة الحديد الآية ١٠
(٢) سورة النساء الآية ٩٥
(٣) انظر: الشريعة للآجري صـ ١٤٧.
(٤) سورة الجاثية الآية ٢١
(٥) سورة العنكبوت الآية ٤