للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسماهم مؤمنين مع الاقتتال؛ وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم (١).

ومن السنة ما يلي:

١ - عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - وحوله عصابة من أصحابه -: «بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، فبايعناه على ذلك (٢)».

وجه الدلالة: هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم على مرتكبي هذه الكبائر بالكفر. وهذا يتناول جميع الكبائر - عدا الشرك - للأدلة التي جاء فيها أن الله لا يغفر أن يشرك به أبدا.

ويقول النووي: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن أصاب شيئا من ذلك (٣)» إلى آخره. المراد به ما سوى الشرك، وإلا فالمشرك لا يغفر له. . إلى أن قال: وفي هذا الحديث فوائد منها: تحريم هذه المذكورات. ومنها: الدلالة لمذهب أهل الحق أن المعاصي غير الكفر لا يقطع لصاحبها بالنار إذا مات ولم يتب منها بل هو في مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه، خلافا للخوارج والمعتزلة؛ فإن الخوارج يكفرون بالمعاصي (٤).


(١) تفسير ابن كثير جـ ٤ صـ ٢١١.
(٢) رواه البخاري في كتاب الإيمان باب ١١ البخاري (مع الفتح) جـ ١ صـ ٦٤. ومسلم انظر: صحيح مسلم (مع شرح النووي) جـ ١١ صـ ٢٢٢ - ٢٢٣.
(٣) صحيح البخاري الإيمان (١٨)، صحيح مسلم الحدود (١٧٠٩)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٩)، سنن النسائي البيعة (٤١٦١)، سنن الدارمي السير (٢٤٥٣).
(٤) انظر: شرح صحيح مسلم للإمام النووي جـ ١١ صـ ٢٢٣ - ٢٢٤.