للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل القبلة مؤمن ناقص الإيمان - مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته - وهو المذهب الوسط، فلم يعطوه الاسم المطلق كما قالت المرجئة، ولم يسلبوه مطلق الاسم كما قالت الخوارج.

أدلتهم: وقد أيدوا قولهم بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة.

فمن الكتاب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} (١) الآية.

قال الشيخ ابن سعدي: في قوله " أخيه " دليل على أن القاتل لا يكفر، لأن المراد بالأخوة هنا: أخوة الإيمان، فلم يخرج بالقتل منها، ومن باب أولى أن سائر المعاصي التي هي دون الكفر لا يكفر بها فاعلها، وإنما ينقص بذلك إيمانه (٢).

ومن الكتاب - أيضا - قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (٣).

يقول ابن كثير: يقول تعالى آمرا بالإصلاح بين الفئتين الباغيتين بعضهم على بعض: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (٤)


(١) سورة البقرة الآية ١٧٨
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن سعدي صـ ٢١٦.
(٣) سورة الحجرات الآية ٩
(٤) سورة الحجرات الآية ٩