للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعلماء المسلمين رأي في ترجمة القرآن إلى غير العربية، فالإجماع منعقد على عدم جواز ترجمة القرآن. أما الجائز فهو ترجمة معاني القرآن أو ترجمة تفسيره، وقبل أن نعرض ما دار بين المسلمين من خلاف حول ترجمة القرآن أود أن أشير إلى أقسام الترجمة إذ تنقسم الترجمة إلى قسمين: ترجمة حرفية، وترجمة تفسيرية.

فالترجمة الحرفية هي التي يراعى فيها محاكاة الأصل في نظمه وترتيبه، فهي تشبه وضع المرادف مكان مرادفه، وبعض الناس يسمي هذه الترجمة لفظية، وبعضهم يسميها مساوية، ويطلق عليها الإيرانيون " ترجمة تحت اللفظي " أي ترجمة حرفية.

والترجمة التفسيرية هي التي لا تراعى فيها تلك المحاكاة، أي محاكاة الأصل في نظمه وترتيبه، بل المهم فيها حسن تصوير المعاني والأغراض كاملة، ولهذا تسمى أيضا بالترجمة المعنوية، وسميت تفسيرية لأن حسن تصوير المعاني والأغراض فيها جعلها تشبه التفسير، وما هي بتفسير كما سيتبين بعد ذلك.

فالذي يترجم ترجمة حرفية يقصد إلى كل كلمة في الأصل فيفهمها ثم يستبدل بها كلمة تساويها في اللغة الأخرى مع وضعها وإحلالها محلها، وإن أدى ذلك إلى خفاء المعنى المراد من الأصل؛ بسبب اختلاف اللغتين في موقع استعمال الكلام في المعاني المرادة إلفا واستحسانا.

أما الذي يترجم ترجمة تفسيرية، فإنه يعمد إلى المعنى الذي يدل عليه تركيب الأصل فيفهمه ثم يصوغه في قالب يؤديه من اللغة الأخرى، موافقا لمراد الأصل، من غير أن يكلف نفسه عناء الوقوف عند كل لفظة أو استبدال غيرها بها.