للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأمثلة على الترجمة بنوعيها من آيات القرآن كثيرة، فمثلا نجد أن قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (١).

قد ترجم في الفارسية إلى: " نه هركز دست خود محكم بسته دار ونه بسيار وكشاده داركه هركدام كنى بنكوهش وحسرت خواهى نشست " أي لا تربط يدك بإحكام ولا تجعلها ممدودة غاية المد، فإن تفعل ذلك ستقعد ملوما محسورا. أما عند الترجمة التفسيرية للآية فإنك تعمد إلى التعمق في فهم الآية، بالنهي عن التقتير والتبذير في أبشع صورة منفرة، ولا عليك من عدم رعاية الأصل في نظمه وترتيبه اللفظي.

أما عن موقف علماء المسلمين والأزهر من مسألة ترجمة القرآن فتتلخص في أنه في عام ١٣٥٥هـ / ١٩٣٦م ثار جدال عنيف حول ترجمة القرآن بين الجواز والمنع وذلك بعد أن عني كثير من المستشرقين والمبشرين بنقل القرآن إلى كثير من اللغات الأجنبية بغرض التشنيع عليه والتشهير به، والدس له، واتخاذه في مدارسهم وكنائسهم مادة للنقد والتجريح، ولما دب النور والعرفان والثقافة والعلم في أنحاء مختلفة من الكرة الأرضية، وأصبح الناس يحاولون أن يتدارسوا الأديان والرسالات بأسلوب من البحث النزيه، والمنطق السديد، وكان فيما يرجون أن تصل دراستهم إليه " القرآن " على اعتبار أنه كتاب خالد شغل البشرية قرونا عديدة، ظهر حينئذ في علماء المسلمين من نادى بضرورة تعريف هذا النفر به، عسى أن يكون ذلك باعثا لهم على الإيمان، حاملا لهم على الهداية، حافزا لهم على أن يكونوا من جنوده المحافظين عليه، الذائدين عنه، وكان من أولئك المسلمين شيخ الجامع الأزهر


(١) سورة الإسراء الآية ٢٩