للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية، ولهذا قال بعدها بقليل {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (١) فعلم بذلك أنه أراد قتال الكفار، لا من قاتل فقط، بل أراد قتال الكفار جميعا حتى يكون الدين كله لله، وحتى لا تكون فتنة، والفتنة الشرك، وأن يفتن الناس بعضهم بعضا عن دينهم، فتطلق الفتنة على الشرك كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} (٢) يعني الشرك، وتطلق أيضا على ما يقوم به بعض الكفار من قتل بعض الناس والتعدي عليهم وإلجائهم إلى أن يكفروا بالله عز وجل.

فالله أمر بقتالهم حتى لا تكون فتنة، يعني: حتى لا يقع شرك في الأمة وحتى لا يقع ظلم من الكفار للمسلمين بصدهم وقتالهم حتى يرجعوا عن الحق، وقال عز وجل في سورة النساء {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} (٣) {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (٤) {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} (٥) قالوا: فهذه الآيات فيها الدلالة على أن الله جل وعلا أمر نبيه صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن يقاتلوا من قاتلهم وأن يكفوا عمن اعتزل القتال


(١) سورة البقرة الآية ١٩٣
(٢) سورة البقرة الآية ١٩١
(٣) سورة النساء الآية ٨٩
(٤) سورة النساء الآية ٩٠
(٥) سورة النساء الآية ٩١