للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوسف وإخوته: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (١) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الزعيم غارم (٢)» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.

وعن سلمه بن الأكوع قال: «كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجنازة، فقالوا: يا رسول الله، صل عليها، قال: هل ترك شيئا؟ قالوا: لا، فقال: هل عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلي دينه، فصلى عليه (٣)» رواه أحمد والبخاري والنسائي، ورواه غيرهم من طرق بألفاظ مختلفة.

ومنع بعض الفقهاء الكفالة بالبدن، وبعضهم الكفالة بالطلب، وليس المقصود هنا بحث حكمها نفسها، وإنما المقصود هنا الكلام عن الضمان بأجر هل يجوز أو لا، فإن كثيرا من الناس صاروا يستقدمون عمالا على كفالتهم ويأخذون منهم نسبة من دخلهم اليومي أو الشهري مثلا، أو يأخذون منهم أجرا معينا سواء كسب العامل أم لا.

فلمن يجيز ذلك أن يقول: الأصل في العقود الإباحة حتى يثبت لدينا دليل ينقل عن الأصل، واتفاق الكفيل مع أحد أطراف الكفالة على أجر مقابل كفالته نوع من العقود فكان جائزا حتى يثبت دليل المنع.

ويناقش بأن الكفالة من أنواع المعروف التي من شأنها أن تبذل تبرعا بلا مقابل، فكان أخذ الأجر عليها ممنوعا، لمنافاته للكرامة، ولمقصد الشرع في بذل المعروف.

وأجيب بأن كثيرا من أنواع المعروف والتعاون على الخير وتحصيل المنافع كالخياطة والنجارة والحدادة ونحوها من الحرف والصناعات يجوز أخذ الأجر عليها من غير نزاع، بل يجوز أن يأخذ المسلم مالا ليحج عن ميت أو حي عاجز عن مباشرة الحج بنفسه، فيجوز أن يأخذ الكفيل أجرا


(١) سورة يوسف الآية ٧٢
(٢) سنن الترمذي البيوع (١٢٦٥)، سنن أبو داود البيوع (٣٥٦٥)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٠٥).
(٣) صحيح البخاري الحوالات (٢٢٩١)، سنن النسائي الجنائز (١٩٦١)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٥٠).