للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على كفالته إذ لا فرق، قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن مفلح رحمه الله (١): ونص أحمد رضي الله عنه على أنه لو قال اقترض لي مائة ولك عشر أنه يصح، قال أصحابنا: لأنه جعالة على فعل مباح، وقالوا: يجوز للإمام أن يبذل جعلا لمن يدل على ما فيه مصلحة للمسلمين، وأن المجعول له يستحق الجعل مسلما أو كافرا، وقاسوه على أجرة الدليل.

ونوقش بوجود الفارق، إذ الضمان أو الكفالة معروف محض غير متمول، فلا يقابل بعوض بخلاف ما ذكر من الصناعات ونحوها، فإنها أعمال متمولة فجاز أن تقابل بعوض.

وأجيب بأن بعض الأعمال معروف محض: كالقضاء، والفتيا، والشهادة ونحو ذلك، وقد جوز بعض العلماء أخذ الأجرة عليها في بعض حالاتها.

قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني: (٢).

(فصل) ويجوز للقاضي أخذ الرزق، ورخص فيه شريح، وابن سيرين، والشافعي وأكثر أهل العلم، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه استعمل زيد بن ثابت على القضاء وفرض له رزقا، ورزق شريحا في كل شهر مائة درهم.

وبعث إلي الكوفة عمارا وعثمان بن حنيف وابن مسعود، ورزقهما كل يوم شاة، نصفها لعمار، ونصفها لابن مسعود وعثمان، وكان ابن مسعود قاضيهم ومعلمهم، وكتب إلى معاذ بن جبل وأبي عبيدة حين بعثهما إلى الشام أن انظرا رجالا من صالحي من قبلكم فاستعملوهم على القضاء وأوسعوا عليهم وارزقوهم واكفوهم من مال الله.

وقال أبو الخطاب: يجوز له أخذ الرزق مع الحاجة، فأما مع عدمها فعلى


(١) صـ ٣٣٩ من جـ.
(٢) صـ ٣٧٦ - ٣٧٧ - ٣٧٨ جـ ١١