للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي كتاب الجهاد من بداية المجتهد لابن رشد

اتفق عوام الفقهاء على جواز رمي الحصون بالمنجنيق، سواء كان فيها نساء وذرية أم لم يكن، لما جاء «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نصب المنجنيق على أهل الطائف (١)»، وأما إذا كان الحصن فيه أسارى من المسلمين وأطفال من المسلمين فقالت طائفة يكف عن رميهم بالمنجنيق، وبه قال الأوزاعي، وقال الليث وذلك جائز، ومعتمد من لم يجزه قوله تعالى: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٢) الآية) وأما من أجاز ذلك فكأنه نظر إلى المصلحة.

وقال في الأم

قال الشافعي - رضي الله عنه -: (إذا كان في حصن المشركين نساء وأطفال وأسرى مسلمون فلا بأس بأن ينصب المنجنيق على الحصن دون البيوت التي فيها الساكن إلا أن يلتحم المسلمون قريبا من الحصن فلا بأس أن ترمى بيوته وجدرانه، فإذا كان في الحصن مقاتلة محصنون رميت البيوت والحصون، وإذا تترسوا بالصبيان المسلمين أو غير المسلمين والمسلمون ملتحمون فلا بأس أن يعمدوا المقاتلة دون المسلمين والصبيان، وإن كانوا غير ملتحمين أحببت له الكف عنهم حتى يمكنهم أن يقاتلوهم غير متترسين، وهكذا إن أبرزوهم فقالوا: إن رميتمونا وقاتلتمونا قاتلناهم، والنفط والنار مثل المنجنيق وكذلك الماء والدخان. اهـ) (٣).

وقال محمد الشربيني الخطيب الشافعي

(فإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر أو نحوه جاز ذلك - أي الرمي - بما ذكره غيره على المذهب لئلا يتعطل الجهاد بحبس مسلم عندهم وقد لا يصيب المسلم وإن أصيب رزق الشهادة).


(١) صحيح البخاري التوحيد (٧٤٨٠)، صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١١).
(٢) سورة الفتح الآية ٢٥
(٣) الأم ج٤ ص٢٨٧ ط الأولى ١٣٨١ هـ.