تنبيه: تعبيره بالجواز لا يقتضي الكراهة سواء اضطروا إلى ذلك أم لا، وملخص ما في الروضة ثلاثة طرق: المذهب إن لم تكن ضرورة كره تحرزا من إهلاك المسلم ولا يحرم على الأظهر، وإن كان ضرورة كخوف ضررهم أو لم يحصل فتح القلعة إلا به جاز قطعا، وكالمسلم الطائفة من المسلمين كما قاله الرافعي، وقضيته عدم الجواز إذا كان في المسلمين كثرة وهو كذلك (ولو التحم حرب فتترسوا بنساء) وخناثى (وصبيان) ومجانين منهم (جاز) حينئذ (رميهم) إذا دعت الضرورة إليه، ونتوقى من ذكر لئلا يتخذوا ذلك ذريعة إلى منع الجهاد وطريقا إلى الظفر بالمسلمين؛ لأنا إن كففنا عنهم لأجل التترس بمن ذكر لا يكفون عنا فالاحتياط لنا أولى من الاحتياط لمن ذكر (وإن دفعوا بهم عن أنفسهم ولم تدع ضرورة إلى رميهم فالأظهر تركهم) وجوبا لئلا يؤدي إلى قتلهم من غير ضرورة وقد نهينا عن قتلهم، وهذا ما رجحه في المحرر. والثاني وهو المعتمد كما صححه في زوائد الروضة جواز رميهم كما يجوز نصب المنجنيق على القلعة وإن كان يصيبهم، ولئلا يتخذوا ذلك ذريعة إلى تعطيل الجهاد أو حيلة إلى استبقاء القلاع لهم، وفي ذلك فساد عظيم، واحترز المصنف بقوله دفعوا بهم عن أنفسهم عما إذا فعلوا ذلك مكرا وخديعة لعلمهم بأن شرعنا يمنع من قتل نسائهم وذراريهم فلا يوجب ذلك ترك حصارهم ولا الامتناع من رميهم وإن أفضى إلى قتل من ذكر قطعا. قاله الماوردي. قال في البحر: وشرط جواز الرمي أن يقصد بذلك التوصل إلى رجالهم.
(وإن تترسوا بمسلمين) ولو واحدا أو ذميين كذلك (فإن لم تدع ضرورة إلى رميهم تركناهم) وجوبا صيانة للمسلمين وأهل الذمة، وفارق النساء والصبيان على المعتمد بأن المسلم والذمي محقونا الدم لحرمة الدين والعهد فلم يجز رميهم بلا ضرورة، والنساء والصبيان حقنوا لحق الغانمين فجاز رميهم بلا ضرورة.
(وإلا) بأن دعت ضرورة إلى رميهم بأن تترسوا بهم حال التحام بالقتال بحيث لو كففنا عنهم ظفروا بنا وكثرت نكايتهم (جاز رميهم) حينئذ (في الأصح) المنصوص، ونقصد بذلك قتال المشركين ونتوقى المسلمين وأهل الذمة بحسب الإمكان؛ لأن مفسدة الإعراض أعظم من مفسدة الإقدام، ويحتمل هلاك طائفة للدفع عن بيضة الإسلام ومراعاة الأمور الكلية. والثاني المنع إذا لم يتأت رمي الكفار إلا برمي مسلم أو ذمي وكالذمي المستأمن. اهـ (١).
وقال أبو محمد بن قدامة رحمه الله
(ج٩ ص٢٧٦ ٢٧٧).
وإن تترسوا في الحرب بنسائهم وصبيانهم جاز رميهم، ويقصد المقاتلة؛ «لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -