للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موته إن ترك، والواقع في البئر قد يحيا فكان البقر أولى. ويحمل قول عائشة: «كسر عظام الميت ككسرها حيا (١)» إذا فعل ذلك عبثا، وأما لأمر هو واجب فلا. ألا ترى الحي لو أصابه أمر في جوفه يتحقق أن حياته باستخراجه لبقر عليه ولم يكن آثما في فعل ذلك بنفسه أو بولده أو عبده مع أن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت. قال اللخمي: إن كان الجنين في وقت لو أسقطته وهي حية لم يعش لم يبقر، وإن كان في شهر يعيش فيه الولد إذا وضعته كالتي دخلت في السابع أو التاسع أو العاشر وكان متى بقر عليه رجيت حياته، فقال مالك: لا يبقر عليه. وقال أشهب وسحنون: يبقر عليه وهو أحسن، وإحياء نفس أولى من صيانة ميت (وتؤولت أيضا على البقر إن رجي) (٢).

أما اللخمي وابن يونس فقد اختارا البقر كما تقدم مصرحين بأنه خلاف قول مالك وذكر ابن عرفة في المسألة ثلاثة أقوال (وإن قدر على إخراجه من محله فعل) قال مالك: إن قدر على أن يستخرج الولد من حيث يخرج في الحياة فعل. اهـ (ج٢ من شرح ابن المواق على مختصر خليل).

قال أحمد الدردير: و (بقر) أي شق بطن ميت (عن مال) له أو لغيره ابتلعه حيا (كثر) بأن كان نصابا (ولو) ثبت (بشاهد ويمين) ومحل التقييد بالكثير إذا ابتلعه لخوف عليه أو لمداواة، أما لقصد حرمان الوارث فيبقر ولو قل (لا) يبقر (عن جنين) رجي لإخراجه ولا تدفن به إلا بعد تحقق موته ولو تغيرت (وتؤولت أيضا على البقر) وهو قول سحنون وقد تأولها عليه عبد الوهاب (إن رجي) خلاصه حيا وكان في السابع أو التاسع فأكثر (وإن قدر على إخراجه من محله) بحيلة (فعل) اللخمي: وهو مما لا يستطاع. اهـ

وقال النووي في المجموع على قول الشيرازي في (٣).

(وإن ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي شق جوفها لأنه استبقاء حي بإتلاف جزء من الميت فأشبه إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت).

(الشرح) هذه المسألة مشهورة في كتب الأصحاب، وذكر صاحب الحاوي أنه ليس للشافعي فيها نص، قال الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والماوردي والمحاملي وابن الصباغ وخلائق من الأصحاب: قال ابن سريج: إذا ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي شق جوفها وأخرج، فأطلق ابن سريج المسألة، قال أبو حامد والماوردي والمحاملي وابن الصباغ: وقال بعض أصحابنا: ليس هو كما أطلقها ابن سريج، بل يعرض على القوابل، فإن قلن: هذا الولد إذا أخرج يرجى حياته، وهو أن يكون له ستة أشهر فصاعدا شق جوفها وأخرج، وإن قلن لا يرجى


(١) سنن أبو داود الجنائز (٣٢٠٧)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٦١٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٠٠).
(٢) كتاب الجنائز ج١ الشرح الكبير لمختصر خليل.
(٣) المهذب ص٣٠١ ج٥ المجموع للنووي.