للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النووي في الروضة

ثبت: المحرم الذي يضطر إلى تناوله قسمان، مسكر وغيره، فيباح جميعه ما لم يكن فيه إتلاف معصوم، فيجوز للمضطر قتل الحربي والمرتد وأكله قطعا. وكذا الزاني المحصن والمحارب، وتارك الصلاة على الأصح منهم، ولو كان له قصاص على غيره، ووجده في حالة اضطرار فله قتله قصاصا، وأكله، وإن لم يحضره السلطان، وأما المرأة الحربية وصبيان أهل الحرب ففي التهذيب أنه لا يجوز قتلهم للأكل، وجوزه الإمام، والغزالي؛ لأنهم ليسوا بمعصومين، والمنع من قتلهم ليس لحرمة أرواحهم، ولهذا لا كفارة فيهم.

قلت: الأصح: قول الإمام والله أعلم.

والذمي والمعاهد والمستأمن معصومون، فيحرم أكلهم ولا يجوز للوالد قتل ولده للأكل، ولا للسيد قتل عبده ولو لم يجد إلا آدميا معصوما ميتا، فالصحيح حل أكله، قال الشيخ إبراهيم الماوردي: إلا إذا كان الميت نبيا فلا يجوز قطعا، قال في الحاوي: فإذا جوزنا، لا يأكل منه إلا ما يسد الرمق حفظا للحرمتين. قال: وليس له طبخه وشيه، بل يأكله نيئا؛ لأن الضرورة تندفع بذلك، وطبخه هتك لحرمته، فلا يجوز الإقدام عليه، بخلاف سائر الميتات، فإن للمضطر أكلها نيئة ومطبوخة. ولو كان المضطر ذميا والميت مسلما، فهل له أكله؟ حكى فيه صاحب التهذيب وجهين.

قلت: القياس تحريمه والله أعلم.

ولو وجد ميتة ولحم آدمي أكل الميتة، وإن كانت لحم خنزير، وإن وجد المحرم صيدا ولحم آدمي أكل الصيد، ولو أراد المضطر أن يقطع قطعة من فخذه أو غيرها ليأكلها، فإن كان الخوف منه كالخوف في ترك الأكل أو أشد، حرم، وإلا جاز على الأصح، بشرط ألا يجد غيره، فإن وجد، حرم قطعا، ولا يجوز أن يقطع لنفسه من معصوم غيره قطعا، ولا للغير أن يقطع من نفسه للمضطر. اهـ (١).


(١) ص ٢٨٤/ ٢٨٥ من ج٣.