كتاب مجلة البحوث الإسلامية

المجمل لاعتقاد الصوفية الطرقية - أولا التوحيد عندهم - ج: 41 - ص: 206

وقد رد ابن تيمية هذا النوع بعدة أدلة من الكتاب والسنة وإجماع السلف والعقل والحس أما الكتاب فقوله سبحانه: {فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} (١) وقوله: {فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (٢) وقال: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} (٣) وقال: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٤) فرتب أحكامه الكونية والشرعية والثواب والعقاب على الأسباب المتنوعة.

وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له (٥)» وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: «أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقي بها هل ترد من قدر الله شيئا فقال هي من قدر الله (٦)» ومن الأثر قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي عبيدة عندما قال له: (أتفر من قدر الله) يعني الطاعون- قال عمر (أفر من قدر الله إلى قدر الله) والعقل قاض بأنه لا ولد إلا بنكاح ولا مال إلا بطلب والحس يدل على ذلك فمن ترك شيئا من هذه الأسباب لا يحصل له المسبب عنها؛ لكن الواجب عدم الاعتماد على السبب والتوكل عليه لكن يكون الاعتماد والتوكل على الله مع تعاطي ما جعله الله سببا

فإن الأسباب مؤثرات ناقصة والمؤثر التام هو إرادة الله الكونية القدرية ومشيئته النافذة فإن المراد لا يتأخر عنهما أبدا (٧).

النوع الثالث: توحيد خاصة الخاصة وهو توحيد الله لنفسه بنفسه كما في قوله {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (٨) وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ

---

(١) سورة الأعراف الآية ٥٧
(٢) سورة النحل الآية ٦٥
(٣) سورة المائدة الآية ١٦
(٤) سورة المائدة الآية ١٠٥
(٥) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٩٤٩)، صحيح مسلم القدر (٢٦٤٧)، سنن الترمذي القدر (٢١٣٦)، سنن أبو داود السنة (٤٦٩٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٥٧).
(٦) سنن الترمذي الطب (٢٠٦٥)، سنن ابن ماجه الطب (٣٤٣٧).
(٧) انظر مدارج السالكين (٣/ ٣٩٧ - ٥٠١).
(٨) سورة آل عمران الآية ١٨