للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (١) وقوله: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (٢) وهو كلامه وخبره عن نفسه بنفسه فهو صفته القائمة به.

وهذا وإن كان حقا إلا أن دعوى أن التوحيد لا يكون إلا توحيده بنفسه غير صحيح؛ إذ لو كان ذلك صحيحا لما جاز للأنبياء والرسل وأخصهم محمد صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وأمرهم الناس به، بل كيف يتصور أن أعلم الناس بربه هو أجهلهم به وأعجزهم عن توحيده كما أنه لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم إثبات توحيد لا يمكن النطق به ولا كان للأمر بالنطق بالشهادة والدعوة إلى مدلولها معنى (٣).

وبذا يعلم ما في هذا التقسيم من مخالفة الكتاب والسنة وما عليه سلف الأئمة مما يدل على فساده وعدم استقامته لا سيما وأنه لا يشتمل إلا على شهود الربوبية والتي يستوي الخلق بالنسبة إليها نظرا لأن المخلوقات بالنسبة للخلق والرزق والملك متساوون فلا فرق فيه بين طاعة ولا معصية ولا معروف ولا منكر ولا كافر ولا مؤمن ولا موحد ولا مشرك ولا مطيع ولا عاص ولا فاسق ولا كافر، وإنما يكون الفرق بالإيمان بمدلول توحيد الألوهية قال ابن تيمية: (فمن زعم أن المشاهدة لتوحيد الربوبية يدخل في مقام الجمع والفناء فلا يشهد فرقا فإنه غالط بل لا بد من الفرق فإنه ضروري) (٤).


(١) سورة الأنبياء الآية ٢٥
(٢) سورة الحشر الآية ٢٢
(٣) انظر مدارج السالكين (٣/ ٥١١ وما بعدها).
(٤) مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٤٢).