للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا والواجب على المؤمن أن يجمع بين سلامة الظاهر وجمال الباطن، بين الحكم بأحكام الشرع والتقيد بها ظاهرا وبين أحوال القلب الإيمانية والتقييد بأحكام الشرع. يقول ابن القيم رحمه الله شارحا لعبارة صاحب المنازل (فالسالكون ضربان: سالكون على الحال ملتفتون إلى العلم، وهم إلى التمكن أقرب، وسالكون على العلم ملتفتون إلى الحال وهم إلى التلون أقرب) (١).

وقال: (وهذه الثلاثة هي المفرقة بين أهل العلم وأهل الحال حتى كأنهما غيران وحزبان، وكل فرقة منهما لا تأنس بالأخرى ولا تعاشرها إلا على إغماض ونوع استكراه) وهذا تقصير من الفريقين حيث ضعفت إحداهما عن السير في العلم وضعف الأخرى عن الحال في العلم، فلم يتمكن كل منهما من الجمع بين الحال والعلم فأخذ هؤلاء العلم وسعته ونوره ورجحوه وأخذ هؤلاء الحال وسلطانه وتمكينه ورجحوه وصار الصادق الضعيف من الفريقين يسير بأحدهما ملتفتا إلى الآخر، فهذا مطيع الحال، وهذا مطيع العلم لكن المطيع للحال ما عساه أن يكون والمطيع للعلم متى أعرض به عن الحال كان مضيعا منقوصا مشتغلا بالوسيلة عن الغاية وصاحب التمكين يتصرف علمه في حاله فلا يدعه أن يقف معه بل يدعوه إلى غاية العلم ويلبي دعوته، فهذا حال الكمل من هذه الأمة، ومن استقرأ أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدها كذلك) (٢)


(١) انظر مدارج السالكين (٣/ ١٣٤، ١٣٥)، انظر الفرقان لابن تيمية ص (٥١).
(٢) انظر مدارج السالكين (٣/ ١٣٤، ١٣٥)، انظر الفرقان لابن تيمية ص (٥١).