للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأجل آخرا مثل أصل الثمن في أول العقد فرد الله تعالى عليهم قولهم وحرم ما اعتقدوه حلالا عليهم، وأوضح أن الأجل إذا حل ولم يكن عنده ما يؤدى أنظر إلى الميسرة تخفيفا، يحققه أن الزيادة إنما تظهر بعد تقدير العوضين فيه، وذلك على قسمين:

أحدهما: تولي الشرع تقدير العوض فيه وهو الأموال الربوية، فلا تحل الزيادة فيه، وأما الذي وكله إلى المتعاقدين فالزيادة فيه على قدر مالية العوضين عند التقابل على قسمين: أحدهما ما يتغابن الناس بمثله فهو حلال بإجماع، ومنه ما يخرج عن العادة، واختلف علماؤنا فيه: فأمضاه المتقدمون وعدوه من فن التجارة، ورده المتأخرون ببغداد ونظرائها وحدوا المردود بالثلث.

والذي أره أنه إذا وقع عن علم المتعاقدين فإنه حلال ماض لأنهما يفتقران إلى ذلك في الأوقات وهو داخل تحت قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١) وإن وقع عن جهل من أحدهما فإن الآخر بالخيار، وفي مثله ورد الحديث: «أن رجلا كان يخدع في البيوع فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بايعت فقل: لا خلابة (٢)» زاد الدارقطني وغيره: «ولك الخيار ثلاثا» وقد مهدناه في شرح الحديث ومسائل الخلاف فهذا أصل علم هذا الباب.

فإن قيل: أنكرتم الإجمال في الآية وما أوردتموه من البيان والشروط هو بيان ما لم يكن في الآية مبينا ولا يوجد عنها من القول ظاهرا.

قلنا: هذا سؤال من لم يحضر ما مضى من القول ولا ألقي إليه السمع وهو شهيد وقد توضح في مسائل الكلام أن جميع ما أحل الله لهم أو حرم عليهم كان معلوما عندهم لأن الخطاب جاء فيه بلسانهم فقد أطلق لهم حل ما كانوا يفعلونه من بيع وتجارة ويعلمونه، وحرم عليهم أكل المال بالباطل وقد كانوا يفعلونه


(١) سورة النساء الآية ٢٩
(٢) صحيح البخاري البيوع (٢١١٧)، صحيح مسلم البيوع (١٥٣٣)، سنن النسائي البيوع (٤٤٨٤)، سنن أبو داود البيوع (٣٥٠٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٣٠)، موطأ مالك البيوع (١٣٩٣).