للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقصة التي أشار إليها ابن حجر هي ما رواها البخاري في الصحيح من حديث أبي قلابة الطويل، وفيه: قال لي: ما تقول يا أبا قلابة؟ أي في القسامة - ونصبني للناس- فقلت يا أمير المؤمنين: عندك رؤوس الأجناد وأشراف العرب، أرأيت لو أن خمسين شهدوا على رجل محصن بدمشق أنه قد زنى ولم يروه أكنت ترجمه؟ قال: لا.

قلت: أفرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق ولم يروه أكنت تقطعه ولم يروه؟ قال: لا.

قلت: فوالله ما قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحدا قط إلا في إحدى ثلاث خصال: رجل قتل بجريرة نفسه فقتل، أو رجل زنى بعد إحصان، أو رجل حارب الله ورسوله وارتد عن الإسلام (١).

ومما يدل على أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- كان يرى العمل بها ثم رجع: ما أخرجه ابن المنذر من طريق الزهري، قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: إني أريد أن أدع العمل بالقسامة، يأتي رجل من أرض كذا وآخر من أرض كذا فيحلفون على ما لا يرون، فقلت: إنك إن تتركها يوشك أن الرجل يقتل عند بابك فيطل دمه، وإن للناس في القسامة لحياة (٢).

هذا وقد ذكر ابن حزم -رحمه الله- مجموعة من الآثار الدالة على أنه لا يقاد بالقسامة ولا يحكم بها وناقشها، وقد تركنا ذكرها اختصارا واكتفاء بما سبق من الأدلة.


(١) الفتح ج١٢ ص٢٣٠.
(٢) الفتح ج١٢ ص٢٣٢ - المحلى ج١١ ص٦٥ - ٧٠.