للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن حجر: وقد وصله حماد بن سلمة في مصنفه ومن طريقه ابن المنذر، قال حماد عن ابن أبي مليكة: سألني عمر بن عبد العزيز عن القسامة فأخبرته أن عبد الله بن الزبير أقاد بها، وأن معاوية يعني ابن أبي سفيان لم يقد بها، وهذا سند صحيح.

واعترض عليه بما نسبه ابن حجر إلى ابن بطال قال: وقد توقف ابن بطال في ثبوته فقال: قد صح عن معاوية أنه أقاد بها، ذكر ذلك عنه أبو الزناد في احتجاجه على أهل العراق، قلت -القائل ابن حجر -: هو في صحيفة عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، ومن طريقه أخرجه البيهقي قال: " حدثني خارجة بن زيد بن ثابت قال: قتل رجل من الأنصار رجلا من بني العجلان ولم يكن على ذلك بينة ولا لطخ، فأجمع رأي الناس على أن يحلف ولاة المقتول ثم يسلم إليهم فيقتلوه، فركبت إلى معاوية في ذلك فكتب إلى سعيد بن العاص: إن كان ما ذكره حقا فافعل ما ذكروه، فدفعت الكتاب إلى سعيد فأحلفنا خمسين يمينا ثم أسلمه إلينا ".

وقد أجاب ابن حجر عن هذا الاعتراض بثلاثة أجوبة ذكرها بقوله: ويمكن الجمع بأن معاوية لم يقد بها لما وقعت له وكان الحكم في ذلك، ولما وقعت لغيره وكل الأمر في ذلك إليه ونسب إليه أنه أقاد بها لكونه أذن في ذلك " ويحتمل أن يكون معاوية كان يرى القود بها ثم رجع عن ذلك، أو بالعكس (١).

وقد أخرج الكرابيسي في أدب القضاء بسند صحيح عن الزهري عن سعيد بن المسيب قصة أخرى قضى فيها معاوية بالقسامة لكن لم يصرح فيها بالقتل.

ويمكن أن يجاب عن هذا الأثر بالأجوبة السابقة.

وقال البخاري في صحيحه: وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة - وكان أمره على البصرة - في قتيل وجد عند بيت من بيوت السمانين: إن وجد أصحابه بينة وإلا فلا تظلم الناس، فإن هذا لا يقضى به إلى يوم القيامة.

قال ابن حجر: وصله سعيد بن منصور حدثنا هشام حدثنا حميد الطويل قال: كتب عدي بن أرطأة إلى عمر بن عبد العزيز، وذكر الأثر، وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن حميد قال: وجد قتيل بين قشير وعائش فكتب فيه عدي بن أرطأة إلى عمر بن عبد العزيز فذكر نحوه، وهذا صحيح. وقد اعترض على هذا الأثر بقول ابن حجر: وقد اختلف على عمر بن عبد العزيز في القود بالقسامة، كما اختلف على معاوية، فذكر ابن بطال أن في مصنف حماد بن سلمة عن ابن أبي مليكة أن عمر بن عبد العزيز أقاد بالقسامة في إمرته على المدينة (٢).

وقد أجاب ابن حجر عن هذا الاعتراض بقوله: ويجمع بأنه كان يرى ذلك لما كان أميرا على المدينة، ثم رجع لما ولي الخلافة، ولعل سبب ذلك ما سيأتي في آخر الباب من قصة أبي قلابة حيث احتج على عدم القود بها فكأنه وافقه على ذلك (٣).


(١) فتح الباري ج١٢ ص٢٣١ - ٢٣٢.
(٢) الفتح ج١٢ ص٢٣٢.
(٣) الفتح ج١٢ ص٢٣٢.