للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشهادة العدلين على الجرح لوث، إذا عاش المجروح بعد الجرح وأكل وشرب. واختلف في شهادة عدل واحد على إقرار القاتل هل يقسم بذلك أم لا؟ ومن اللوث أن يوجد رجل بقرب المقتول ومعه سيف، أو شيء من آلة القتل، أو متلطخا بالدم، ومن اللوث أن يحصل المقتول في دار مع قوم فيقتل بينهم، أو يكون في محلة قوم أعداء له، ومن اللوث عند مالك وأصحابه التدمية في العمد، وهو قول المقتول: فلان قتلني أو دمي عند فلان، سواء كان المدمي عدلا أو مسخوطا، ووافقه الليث بن سعد في القسامة بالتدمية، وخالفها سائر العلماء، واختلف في المذهب في كون التدمية في الخطأ لوثا على قولين (١).

وقال الباجي: وذكر أبو محمد في معونته قسما سادسا في فئتين اقتتلتا فوجد بينهما قتيل فيها روايتان (٢) وساقهما، وذكر وجه كل منهما، وسيأتي ذلك في موضعه.

وقتيل الزحام نقله الأبي كما سيأتي.

٢ - وقال الشافعي -رحمه الله تعالى- بعد سياقه لقصة قتل عبد الله بن سهل، قال: فإذا كان مثل هذا السبب الذي حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه بالقسامة حكمنا بها، وجعلنا فيها الدية على المدعى عليهم، فإذا لم يكن مثل ذلك السبب لم نحكم بها.

فإن قال قائل: وما مثل السبب الذي حكم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

قيل: كانت خيبر دار يهود التي قتل فيها عبد الله بن سهل - محضة لا يخلطهم غيرهم، وكانت العداوة بين الأنصار واليهود ظاهرة، وخرج عبد الله بن سهل بعد العصر، ووجد قتيلا قبل الليل، فكاد أن يغلب على من علم هذا أنه لم يقتله إلا بعض يهود، وإذا كانت دار قوم مجتمعة لا يخلطهم غيرهم، وكانوا أعداء للمقتول، أو قبيلته، ووجد القتيل فيهم فادعى أولياؤه قتله فيهم فلهم القسامة، وكذلك إذا كان مثل هذا المعنى مما يطلب على الحاكم أنه كما يدعي المدعي على جماعة أو واحد، وذلك مثل أن يدخل نفر بيتا فلا يخرجون منه إلا وبينهم قتيل، وكذلك إن كانوا في دار وحدهم أو في صحراء وحدهم لأن الأغلب أنهم قتلوه، أو بعضهم، وكذلك أن يوجد قتيل بصحراء أو ناحية ليس إلى جنبه عين ولا أثر إلا رجل واحد مختضب بدمه في مقامه ذلك، أو يوجد قتيل فتأتي بينة متفرقة من المسلمين من نواح لم يجتمعوا فيثبت كل واحد منهم على الانفراد على رجل أنه قتله، فتتواطأ شهادتهم، ولم يسمع بعضهم شهادة بعض، وإن لم يكونوا ممن يعدل في الشهادة، أو يشهد شاهد عدل على رجل أنه قتله؛ لأن كل سبب من هذا يغلب على عقل الحاكم أنه كما ادعى ولي الدم، أو شهد من وصفت وادعى ولي الدم. ولهم إذا كان ما يوجب القسامة على أهل البيت أو القرية أو الجماعة أن يحلفوا على واحد منهم أو أكثر، فإذا أمكن في المدعى عليه أن يكون في جملة القتلة جاز أن يقسم عليه وحده وعلى غيره ممن أمكن أن يكون في جملتهم معه دعوى، وإذا لم يكن معه ما وصفت لا يجب بها القسامة.


(١) قوانين الأحكام الفقهية ص٣٧٨. .
(٢) المنتقى ج٧ ص٥٦.