للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحقيقة أن ما أدعو إليه ليس جديدا على علماء الحديث، فقد استعمله المحدثون في السابق، وعلى الأخص شراح الحديث، والمشتغلون بعلم التخريج منهم، فقد رأوا ضرورة ذلك والتزموه، فتراهم إذا أحالوا على حديث ما يقولون: أخرجه فلان في كتاب كذا، باب كذا، وإن أي قراءة - ولو كانت عابرة - لشروح بعض الأحاديث، في كتاب فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة ٨٥٢هـ، أو في كتاب عمدة القاري للحافظ بدر الدين العيني المتوفى سنة ٨٥٥هـ، أو أي شرح آخر، تدلنا دلالة قاطعة على عناية أولئك المحدثين بذلك التوثيق، وإن هذا ظاهر ظهور الشمس في شروح البخاري أكثر من غيره؛ لأن من عادة البخاري - رحمه الله - أن يجزئ حديثا ويقطعه، أو يكرره في موضع آخر، فحتى لا يكرر الشارح شرحه كلما تكرر من الحديث فإنه يحيل على الشرح الأول، ولو أحال على الجزء والصفحة، لكانت الإحالة لغوا لا فائدة منها، تلك بعض المعلومات في صفحة أو جزء آخر. لذا يحيلون على الكتاب والباب.

وسأختار عشوائيا مثالين من كتاب عمدة القاري ليؤكدا صحة ما ذكرت.

ففي كتاب الصيام، باب القبلة للصائم، وبعد أن أورد العيني الحديث قال (١) والحديث مضى في كتاب الحيض، في باب من سمى النفاس حيضا، فإنه أخرجه هناك عن. . وذكر السند.

وفي الكتاب نفسه، باب السواك الرطب واليابس للصائم، قال (٢)


(١) عمدة القاري ١١/ ١١.
(٢) عمدة القاري ١١/ ٢١.