للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الترجيح والمناقشة:

قلت وما تقدم من الأحاديث في قصة طلاق ابن عمر وأمره - صلى الله عليه وسلم - بالمراجعة والطلاق إن شاء في الطهر يتضمن مجموعتين:

المجموعة الأولى: وهي ما استدل بها الطرف الأول من أمره - صلى الله عليه وسلم - لابن عمر بإمساكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك أو طلق.

المجموعة الثانية: وهي ما استدل بها الطرف الثاني والتي تدل على جواز الطلاق في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع فيها الطلاق، والأحاديث كلها صحيحة فما الجواب عن هذا؟ قلت: ساق أبو داود أكثر الروايات في سننه وقال بعد ذلك:

قال أبو داود: روى هذا الحديث عن ابن عمر يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ومنصور عن أبي وائل، معناهم كلهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر، وأما رواية الزهري عن سالم ونافع عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، (١)» وروي عن عطاء الخراساني (٢) عن الحسن عن ابن عمر نحو رواية نافع والزهري والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير. انتهى (٣).

وقال ابن القيم في شرحه لسنن أبي داود ما نصه: وأكثر الروايات في حديث ابن عمر مصرحة بأنه إنما أذن في طلاقها بعد أن تطهر من تلك الحيضة ثم تحيض ثم تطهر، هكذا أخرجاه في الصحيحين من رواية نافع عنه ومن رواية ابنه سالم عنه، وفي لفظ متفق عليه: «ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضها (٤)» ومن لفظ آخر


(١) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٥٢)، صحيح مسلم الطلاق (١٤٧١)، سنن الترمذي الطلاق (١١٧٥)، سنن النسائي الطلاق (٣٣٩٠)، سنن أبو داود الطلاق (٢١٧٩)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠١٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٦٣)، موطأ مالك الطلاق (١٢٢٠)، سنن الدارمي الطلاق (٢٢٦٢).
(٢) صحيح مسلم ٤/ ١٨١، وما بعدها.
(٣) سنن أبي داود ٢/ ٢٥٦.
(٤) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٥٢).