للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر مسلم عدة روايات كلها تدل بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أذن في طلاقها بعد أن تطهر من تلك الحيضة ثم تحيض ثم تطهر.

أدلة القول الثاني؛ والذي مفاده جواز الطلاق في الطهر الذي يلي الحيضة التي فيها الطلاق:

استدلوا بما رواه مسلم في صحيحه عن قتادة قال سمعت يونس بن جبير قال سمعت ابن عمر يقول: «طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليراجعها فإذا طهرت فإن شاء فليطلقها، (١)» وروى مسلم أيضا عن طريق عبد الملك عن أنس بن سيرين قال: «سألت ابن عمر عن امرأته التي طلق فقال: طلقتها وهي حائض، فذكر ذلك لعمر، فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: مره فليراجعها، فإذا طهرت فليطلقها لطهرها، قال فراجعتها ثم طلقتها لطهرها، (٢)» وروى مسلم أيضا عن طريق شعبة عن أنس بن سيرين أنه سمع ابن عمر قال: «طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال: مره فليراجعها ثم إذا طهرت فليطلقها (٣)».

فهذه الروايات تدل على جواز الطلاق في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع فيها الطلاق.

واستدلوا أيضا بأن التحريم إنما كان لأجل الحيض، فإذا طهرت زال موجب التحريم، فجاز طلاقها في هذا الطهر، كما يجوز في الطهر الذي بعده، وكما يجوز أيضا طلاقها فيه لو لم يتقدم طلاق في الحيض.

ومما يستدل به لهذا القول أيضا ما جاء في صحيح مسلم في بعض روايات حديث ابن عمر «مره فليراجعها ثم يطلقها طاهرا أو حاملا (٤)» وفي لفظ: «ثم ليطلقها طاهرا من غير جماع (٥)».


(١) صحيح مسلم الطلاق (١٤٧١)، سنن النسائي الطلاق (٣٥٥٥)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠١٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٣٠).
(٢) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٥٢)، صحيح مسلم الطلاق (١٤٧١)، سنن الترمذي الطلاق (١١٧٦)، سنن النسائي الطلاق (٣٣٩٠)، سنن أبو داود الطلاق (٢١٧٩)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠١٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣)، موطأ مالك الطلاق (١٢٢٠)، سنن الدارمي الطلاق (٢٢٦٣).
(٣) صحيح مسلم ٤/ ١٨٢.
(٤) صحيح مسلم ٤/ ١٨١ وما بعدها.
(٥) صحيح مسلم ٤/ ١٨١ وما بعدها.