وقيل: الحكمة فيه أنه عاقبه بأمره بتأخير الطلاق جزاء له على ما فعله من إيقاعه على الوجه المحرم.
ورد هذا بأن ابن عمر لم يكن يعلم التحريم.
وأجيب عنه: بأن هذا حكم شامل له ولغيره من الأمة، وكونه - رضي الله عنه - لم يكن عالما بالتحريم، يفيد نفي الإثم لا عدم ترتب هذه المصلحة على الطلاق المحرم في نفسه.
وقيل: حكمته أن الطهر الذي بعد تلك الحيضة هو من تحريم تلك الحيضة فهما كالقرء الواحد، فلو شرع الطلاق فيه لصار كموضع طلقتين في قرء واحد، وليس هذا بطلاق السنة.
وقيل: حكمته أنه نهى عن الطلاق في الطهر ليطول مقامه معها، ولعله تدعوه نفسه إلى وطئها وذهاب ما في نفسه من الكراهة لها، فيكون ذلك حرصا على ارتفاع الطلاق البغيض إلى الله المحبوب إلى الشيطان، وحضا على بقاء النكاح ودوام المودة والرحمة (١).
وقال النووي - رحمه الله - في شرحه لصحيح مسلم ما نصه: فإن قيل ففي حديث ابن عمر هذا أنه أمر بالرجعة، ثم بتأخير الطلاق إلى طهر بعد الطهر الذي يلي هذا الحيض فما فائدة التأخير؟ فالجواب من أربعة وجوه:
أحدها: لئلا تصير الرجعة لغرض الطلاق، فوجب أن يمسكها زمانا كان يحل له فيه الطلاق، وإنما أمسكها لتظهر فائدة الرجعة، وهذا جواب أصحابنا.
والثاني: عقوبة له وتوبة من معصية باستدراك جنايته.
(١) شرح ابن القيم لسنن أبي داود المطبوع مع عون المعبود ٦/ ٢٤٦.