للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغني على قول الخرقي: (فإن انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل) قال: وجملته: أن وطء الحائض قبل الغسل حرام، وإن انقطع دمها في قول أكثر أهل العلم، قال ابن المنذر: هذا كالإجماع منهم، وقال أحمد بن محمد المروزي لا أعلم في هذا خلافا. وقال أبو حنيفة: إن انقطع الدم لأكثر الحيض حل وطؤها، وإن انقطع لدون ذلك لم يبح حتى تغتسل، أو تتيمم أو يمضي عليها وقت صلاة؛ لأن وجوب الغسل لا يمنع من الوطء بالجنابة.

ولنا قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (١) يعني إذا اغتسلن، هكذا فسره ابن عباس؛ ولأن الله تعالى قال في الآية {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (٢) فأثنى عليهم، فيدل على أنه فعل منهم أثنى عليهم به، وفعلهم هو الاغتسال دون انقطاع الدم فشرط لإباحة الوطء شرطين: انقطاع الدم والاغتسال فلا يباح إلا بهما لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (٣) لما اشترط لدفع المال إليهم بلوغ النكاح والرشد لم يبح إلا بهما، كذا هاهنا.

ولأنها ممنوعة من الصلاة لحدث الحيض فلم يبح وطؤها كما لو انقطع لأقل الحيض، وما ذكروه من المعنى منقوض بما إذا انقطع لأقل الحيض، ولأن حدث الحيض آكد من حدث الجنابة فلا يصح قياسه عليه (٤).

وقد قال ابن جرير الطبري في معنى قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} (٥) الآية. قال: فتأويل الآية إذا: ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا جماع نسائكم في وقت حيضهن ولا تقربوهن حتى يغتسلن فيتطهرن من حيضهن بعد انقطاعه.


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٢
(٢) سورة البقرة الآية ٢٢٢
(٣) سورة النساء الآية ٦
(٤) المغني لابن قدامة ١/ ٣٣٨.
(٥) سورة البقرة الآية ٢٢٢