للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال واختلف أهل التأويل في قوله {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} (١) فقال بعضهم: معنى ذلك: فإذا اغتسلن، وذكر أنه قول ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسفيان، وعثمان بن الأسود، والحسن وغيرهم. ثم قال: وقال آخرون: معنى ذلك فإذا تطهرن للصلاة، وذكر بسنده عن طاوس ومجاهد أنهما قالا: إذا طهرت المرأة من الدم فشاء زوجها أن يأمرها بالوضوء قبل أن تغتسل إذا أدركه الشبق فليصب، ثم قال: وأولى التأويلين بتأويل الآية قول من قال معنى قوله {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} (٢) فإذا اغتسلن لإجماع الجميع على أنها لا تصير بالوضوء بالماء طاهرا الطهر الذي يحل لها الصلاة. . . وفي إجماع الجميع من الأمة على أن الصلاة لا تحل لها إلا بالاغتسال، أوضح الدلالة على صحة ما قلنا من أن غشيانها حرام إلا بعد الاغتسال وأن معنى قوله {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} (٣) فإذا اغتسلن فصرن طواهر الطهر الذي يجزيهن به الصلاة (٤).

هذا ولم أفصل أقوال العلماء وأدلتهم في تلك المسألتين؛ لأنهما ليستا من موضوع البحث الذي هو الطلاق في الحيض، وقد أشرت إليهما لما لهما من صلة بموضوع قوله - صلى الله عليه وسلم - «ثم ليطلقها طاهرا (٥)» وقد تحقق لنا من مجموع ما تقدم أن المراد به التطهر بالغسل. والله أعلم.


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٢
(٢) سورة البقرة الآية ٢٢٢
(٣) سورة البقرة الآية ٢٢٢
(٤) جامع البيان في تأويل آي القرآن للطبري ٢/ ٣٨٦ وما بعدها.
(٥) سنن النسائي الطلاق (٣٣٩٥)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٢١).