كما اشترطوا أن يكون المالك مسلما لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث معاذ بن جبل: «إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم (١)» فقد جعل وجوب الزكاة عليهم بعد استجابتهم إلى الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله.
ونظرا إلى أن موضوع البحث حكم الزكاة في المال الحرام، فإن الوصول إلى حكم ذلك قد لا يتيسر قبل النظر في الاعتبارات التالية:
١ - حكم وجوب الزكاة في مال المسلم مطلقا سواء أكان هذا المال حلالا أو حراما.
٢ - النظر في وجه حرمة المال الحرام حيث إن التحريم إما أن يكون متعلقا بذات المال نفسه كالخمور والمخدرات والخنازير وآلات اللهو، وإما أن تكون الحرمة متعلقة بصفة عالقة بذلك المال يمكن التخلص منها وتعود للمال إباحته، وفي حال بقائها فإن تلك الصفة لا تعود على المال نفسه بالتحريم تحريما ذاتيا كحرمة الخمر والخنزير، فهل لهذا التفريق أثر في وجوب الزكاة في هذا المال أو سقوطها. .؟
٣ - هل لتخلف بعض أهداف إخراج الزكاة أثر في سقوط وجوبها أو بقاء الوجوب؟
٤ - التفريق بين مال حرام لوصفه تاب مالكه من الاستمرار في اكتسابه توبة نصوحا، ولا يزال هذا المال في يده وبين من بيده المال الحرام ولا يزال مصرا ومستمرا في ممارسة اكتسابه.
هذه الاعتبارات يمكن اعتبارها مباحث أربعة يقتضي كل مبحث منها إفراده ببحث مستقل به، والله المستعان.
(١) صحيح البخاري المغازي (٤٣٤٧)، صحيح مسلم الإيمان (١٩)، سنن الترمذي الزكاة (٦٢٥)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٢٢)، سنن أبو داود الزكاة (١٥٨٤)، سنن ابن ماجه الزكاة (١٧٨٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٣٣)، سنن الدارمي الزكاة (١٦١٤).