للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره من مشائخ هذه الدعوة أن البدوي إذا عرف ماله عند حضري قد اشتراه من بدوي آخر ليس له انتزاعه منه إذا كان كل من البدويين ينهب من الآخر، ومثل البدو اليوم الذي أرى أنه إن كان المال الذي عرفه عند أخيه المسلم قد أخذه منه قبل أن يتوب عن حاله الأولى فالظاهر أنه ما ينزعه من أخيه المسلم لأنه أخذه منه وهو في حال كل منهما يأخذ مال صاحبه، وإن كان المال أخذ بعد التوبة فهو يأخذه ممن وجده عنده بغير بذل ثمن. اهـ (١).

وقال الشيخ عبد الله العنقري في جواب له عن العدائل المجهول صاحبها وهي المنائح: العلماء - رحمهم الله - قد ذكروا أن المال المجهول صاحبه يتصدق به صاحبه مضمونا أو يدفعه إلى الحاكم، وقد أفتى الشيخ تقي الدين أن الغاصب إذا تاب جاز له الأكل مما بيده من المال المغصوب مع معرفة المالك وعدمها، وقد يؤخذ منه أن المسئول عنه أولى بجواز أكل ما بيده من المذكور إذا كان فقيرا. اهـ (٢).

وذكر بعض أهل العلم ومحققيهم أن من بيده أموال محرمة بوصفها لا بأصلها كالأموال الربوية مما ليس لها أفراد معينون، وهي مختلطة بماله الحلال وبثمن مجهوده في الاكتساب بها، فإذا تاب من بيده هذه الأموال توبة نصوحا مستكملة شروط التوبة إلى الله تعالى فإنه يقر على ما بيده وتوبته النصوح تجب ما قبلها ويعتبر ما بيده ملكا له يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (٣). وذكروا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وأن الموعظة أعم من أن تحصر في


(١) الدرر السنية جـ٥ ص ٢١٤.
(٢) الدرر السنية جـ٥ ص٢١٧.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٥