للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انشراح صدر الكافر إلى الإسلام، وقالوا في توجيه هذا القول: إن الأخذ بهذا يدعو أهل الفسوق إلى التوبة إلى الله، وأن القول بغير هذا وذلك بحرمانه مما بيده قد يسد عليه باب التوبة إلى الله ويعين الشيطان عليه في الاستمرار على أخذ المال الحرام والتعاون على الإثم والعدوان.

وأجابوا عن الآية الكريمة: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (١) بأن هذه الآية خاصة بالأموال الذممية المشتملة على الفوائد الربوية، فمن كان له في ذمة أحد الناس مبلغ من المال بعضه ربا، فالتوبة تقتضي أن يتقاضى رأس ماله فقط، ويسقط ما زاد عنه من فائدة ربوية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في معرض كلامه عن المقبوض بعقد فاسد يعتقد صاحبه صحته ثم ظهرت له عدم الصحة ما نصه: وأما إذا تحاكم المتعاقدان إلى من يعلم بطلانها قبل القبض أو استفتياه إذا تبين لهما الخطأ، فرجع عن الرأي الأول، فما كان قد قبض بالاعتقاد الأول أمضي، وإذا كان قد بقي في الذمة رأس المال وزيادة ربوية أسقطت الزيادة، ورجع إلى رأس المال، ولم يجب على القابض رد ما قبضه قبل ذلك بالاعتقاد الأول اهـ (٢).

وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله -: أقول: اختار الشيخ تقي الدين أن المقبوض بعقد فاسد غير مضمون، وأنه يصح التصرف فيه؛ لأن الله تعالى لم يأمر برد المقبوض بعقد الربا بعد التوبة، وإنما رد الذي لم يقبض؛ ولأنه قبض برضى مالكه فلا يشبه المغصوب


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٩
(٢) مجموع الفتاوى جـ٢٩ ص٤١٣.