للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إن كان العاقد يعتقد صحة العقد مثل أهل الذمة فيما يتعاقدون بينهم من العقود المحرمة في دين الإسلام، مثل بيع الخمر والربا والخنزير، فإن هذه العقود إذا اتصل بها القبض قبل الإسلام والتحاكم إلينا أمضيت لهم ويملكون ما قبضوه بلا نزاع لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١) فأمر بترك ما بقي. . . - إلى أن قال - وهكذا كل عقد اعتقد المسلم صحته بتأويل من اجتهاد أو تقليد مثل المعاملات الربوية التي يبيحها مجوزو الحيل، ومثل بيع النبيذ المتنازع فيه عند من يعتقد صحته، ومثل بيوع الغرر المنهي عنها عند من يجوز بعضها، فإن هذه العقود إذا حصل فيها التقابض مع اعتقاد الصحة لم تنقض بعد ذلك لا بحكم ولا برجوع عن ذلك الاجتهاد، وأما إذا تحاكم المتعاقدان إلى من يعلم بطلانها قبل التقابض أو استفتياه إذا تبين لهما الخطأ فرجع عن الرأي الأول فما كان قد قبض بالاعتقاد الأول أمضي، وإذا كان قد بقي في الذمة رأس المال وزيادة ربوية أسقطت الزيادة ورجع إلى رأس المال ولم يجب على القابض رد ما قبضه قبل ذلك بالاعتقاد الأول. اهـ (٢).

ومما تقدم يتضح وجوب الزكاة في المال المكتسب من عقود مختلف في مشروعيتها.

السؤال السادس: علاقة زكاة المال الحرام بما يجب أصلا فيه من رده إلى أصحابه أو إخراجه من الملك؟

إن الإجابة عن هذا السؤال تتضح مما تقدم من أن من المال الحرام ما لا يملك بالقبض كالغصوب والسرقات والودائع والعواري المجحودة فهذه


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٢) مجموع الفتاوى جـ٢٩. ص٤١١، ص٤١٣.