للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمرا بالمعروف، ونهيا عن المنكر، بأساليب متميزة، وتواضع جم، مع الاهتمام باجتثاث جذور متفشية في المجتمع، نتيجة الجهل، تعطي صورة قاتمة للبيئة التي تستشري فيها.

وقد ساعده على هذا - بعد توفيق الله له - وجود قلوب متفتحة، وأفئدة متعطشة إلى العلم، ونفوس صافية وحريصة على حسن المأخذ.

فالتقى السالب بالموجب، كما يقال في المجال الصناعي، ذلك أن قاسما يجمع بين الحالين: حال الباذل، وهو الشيخ عبد الله. وحال الآخذ، وهم الطلاب الذين توافدوا من أنحاء متعددة.

ذلك القاسم المشترك: هو الإخلاص، والصدق في النية.

وقد نتج عن ذلك مصلحة كبيرة، وفائدة فاقت جميع التوقعات، رغم ما اعترض جهود وأعمال الشيخ - رحمه الله - من عقبات، كادت توقف المسيرة: صغيرة وكبيرة، فردية وأكبر من الفردية.

وقد أشار الشيخ محمد بن عثمان القاضي في كتابه (روضة الناظرين) إلى شيء من ذلك، عندما ترجم لحياة الشيخ عبد الله القرعاوي (١).

فالشيخ - رحمه الله - قد وجد أرضا خصبة، قابلة للعطاء والإفادة، فكان غيثا ساقه الله بعد محل، وكان كالوابل الصيب، الذي تتحرك به البذور الكامنة، وكان واحدا كالألف، كما قال أبو بكر في رسالة لأبي عبيدة وهو في الشام، عندما طلب المدد بعد تكاثر الروم عليه، فبعث إليه بخالد بن الوليد، وقال: إنه واحد كالألف، وإنه سيف من سيوف الله، وبعضهم ينسب ذلك القول لعمر عندما بعث القعقاع بن عمرو مددا للمثنى بن حارثة.


(١) انظر (ص٤٣ - ٤٤ من الجزء ٢) من هذا الكتاب.