وعلى العموم فالشيخ القرعاوي أدى دورا لا يقوم به إلا أعداد كبيرة من الرجال، وأعانه الله بالصبر والاحتساب، وعمل جهدا في فترة زمنية قصيرة لا ينفذه إلا المهتمون بالتخطيط، والقادرون بالسبل المادية والاجتماعية، على توفير ما يغطي تلك المسيرة، بناء للمساجد والمدارس، وتنقلا في المناطق للتعلم والدعوة، وعلاقات اجتماعية بأبناء المنطقة على اختلاف مستوياتهم تأليفا للقلوب، وترغيبا للصغار، وحرصا على إزالة الجهل، وما يتنافى مع حقيقة التوحيد، لدى الذكور والإناث. .
كل هذا لا يتم إلا بتوفيق الله والإخلاص في النية، حيث صاحبه بذل مستمر من نفس الشيخ وماله وراحته.
لقد كان الحديث الذي كنت أتلقفه من أبناء المنطقة في ربوع جازان، ثم في منطقة عسير: أبها وما حولها، قد وقر في نفسي منه، أن الشيخ القرعاوي قد ترك أثرا بارزا في كل قرية، مما جعل الكل يتذكر مواقفه، ويروي جانبا من سيرته، ويختلف ما علق بذهن هذا عما يروي ذاك، مما يعطي جانبا مهما في التأثر والأثر، وطابعا عن الدروب التي حرص على إنتاجها في الولوج إلى قلوب الناس، والأسلوب الذي تقرب به إلى الأفئدة. مع الحلم ونكران الذات، والقدرة على التحمل والصبر في سبيل الهدف الذي قام من أجله، وهو تعليم أبناء المنطقة؛ لأن بالتعليم يتم إنكار ما هو سائد لديهم من أمور تخالف جوهر الدين وصفاء العقيدة.
وقد أصل هذا المفهوم عزم أكيد باجتثاث ذلك، ونية صادقة بتصفية النفوس من الأدران إذ كان الهدف الأساسي هو طلب الأجر والمثوبة عند الله، ومن كان هدفه ما عند الله هان عليه كل ما يبذل في سبيله، وقد ترسخ هذا في قلوب طلابه، فساروا معه بخطى حثيثة، وهمة متوقدة. ولما كنت أسمع قصصا وحكايات تنبئ عن مكانة الشيخ عبد الله - رحمه الله - في