للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأزمنة، وما أقل المؤثرين بعلمهم، المحتسبين فيما أعطاهم الله، ذلك أن العلم علمان: علم دنيوي وعلم ديني: والعلم الديني: هو المعين في عقيدتنا الإسلامية. وهو الآخر يمكن تقسيمه إلى نوعين: علم نافع، وغير نافع. . فما كان نافعا هو ما يكون ذا أثر في صاحبه تطبيقا وعملا، ووقارا يتزيا به، وحلية يتجمل بها، ولا نعني ما يتخذ للمفاخرة، أو يستغل للمنافع الذاتية، فذلك ما تحذر منه نصوص الشريعة؛ لأنه قد جاء في دلالة الحديث أن: «أول من تسعر به النار عالم أخذ العلم للمفاخرة والمباهاة وليقال هو عالم. . . وقد قيل (١)»

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار (٢)».


(١) ينظر باب الرياء عند مسلم - رحمه الله.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي جـ ١٣ - الطبعة الثانية ١٣٩٢هـ - دار الفكر- بيروت - لبنان (ص ٥٠/ ٥١) كتاب الإمارة - باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار.