للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يقول: وقبيل وفاته وصل إلى عنيزة، وعزم على أن يفلح ملكهم الواقع بالخبوب بالبصر - الفيضية - وكلم أناسا للاستدانة إلى أجل، وهذا مما يدلنا على فراغ يده، ونزاهته مما لفق الأعداء عليه من تهم، ولكن حمد المحمد الصالحي نصحه قائلا: يا شيخ ما بقي بالعمر مثل ما مضى، ولم يزل به حتى ثنى عزمه، فرجع إلى الرياض، وألم به المرض الذي كان يعتاده وأقعده على الفراش (١).

وهذا يدل على أنه دخل التجربة في التجارة، ولما يبلغ الحلم، إذ عمره ثلاثة عشر عاما، وهي تجربة لم تستمر ولم تكن مثمرة، حتى تغريه بالاستمرار فيها، حيث صرفه عنها شغفه بالعلم كما يقول الشيخ عبد الله بن بسام في كتابه: (علماء نجد) نشأ المترجم له في مدينة عنيزة وصار يتعاطى التجارة من حداثته، وعمه يوجهه ويرشده، وكانت تجارتهما في الإبل، ثم صار له ميل إلى طلب العلم (٢).

وقد أكد هذا الجانب، وأعطاه توضيحا أكثر، تلميذه الشيخ موسى السهلي، ولعله أخذ ذلك مشافهة من الشيخ القرعاوي بحكم ملازمته الطويلة له، فقال: منذ أيام الصبا بدت على عبد الله القرعاوي ملامح النجابة والذكاء، وقد رأى عمه عبد العزيز أن يعرض عليه بعد مشورة والدته القيام بعمل التجارة، حيث اشترى له بضاعة باسمه وسافر به ومعه بضاعته إلى بلاد الشام لمزاولة التجارة وتدريبه على البيع والشراء، وقد تكرر سفره بصحبة عمه حتى تمرس على الحركة والبيع والشراء، وعرف كثيرا من خبرات عمه، إلى أن أصبح يزاول التجارة بمفرده، وبقي على هذا الحال مدة حتى حسن وضعه وتزوج، وبعد ذلك أوقف التجارة وانصرف


(١) روضة الناظرين (٢: ٤٥).
(٢) انظر علماء نجد خلال ستة قرون (٢: ٦٣١).