للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن فلانا قتله هذا أمر لا يقدر أحد على دفعه، ومضى إلى أن أيد ذلك بقصة عبد الله بن سهل. (١).

٣ - وقال النووي والرملي: واللوث قرينة حالية أو مقالية مؤيدة تصدق المدعي بأن توقع في القلب صدقه في دعواه، ولا بد من ثبوت هذه القرينة، إذ القرائن لم تنحصر فيما ذكره وجد قتيل أو بعضه وتحقق موته في محلة منفصلة عن بلد كبير أو في قرية صغيرة لأعدائه أو أعداء قبيلته دينا أو دنيا حيث كانت العداوة تحمله على الانتقام بالقتل ولم يساكنهم غيره كما صححه في الروضة وهو المعتمد، والمراد بغيرهم من لم تعلم صداقته للقتيل، ولا كونه من أهله، أي ولا عداوة بينهما، كما هو واضح، وإلا فاللوث موجود فلا تمتنع القسامة، قاله ابن أبي عصرون وغيره وهو ظاهر.

قال الأسنوي تبعا لابن الرفعة: ويدل له قصة خيبر، فإن إخوة القتيل كانوا معه، ومن ذلك شرعت القسامة، قال العمراني وغيره: ولو لم يدخل ذلك المكان غير أهله لم تعتبر العداوة، قال الأذرعي: ويشبه اشتراط ألا يكون هنا طريق جادة كثيرة الطارقين، وخرج بالصغيرة الكبيرة، فلا لوث، بل وجد فيها قتيل فيما يظهر إذ المراد بها من أهله غير محصورين، وعند انتفاء حصرهم لا تتحقق العداوة بينهم فتنتفي القرينة (٢) ٤ - وقال ابن قدامة: واختلفت الرواية فيه -أي في اللوث المشترط في القسامة - فروي عنه أن اللوث هو العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه، كنحو ما بين الأنصار ويهود خيبر، وما بين القبائل والأحياء وأهل القرى الذين بينهم الدماء والحروب، وما بين أهل العدل وما بين الشرطة واللصوص، كل من بينه وبين المقتول ضغن يغلب على الظن أنه قتله.

نقل مهنا عن أحمد فيمن وجد قتيلا في المسجد الحرام ينظر من بينه وبينه في حياته شيء -يعني ضغنا- يؤخذون به، ولم يذكر القاضي في اللوث غير العداوة، إلا أنه قال في الفريقين يقتتلان فينكشفون عن قتيل فاللوث على الطائفة الأخرى، ولا لوث على طائفة القتيل، إذا ثبت هذا فإنه لا يشترط مع العداوة ألا يكون في الموضع الذي به القتيل غير العدو، نص عليه أحمد في رواية مهنا التي ذكرناها، وكلام الخرقي يدل عليه أيضا.

واشترط القاضي ألا يوجد القتيل في موضع عدو لا يختلط بهم غيرهم، وهذا مذهب الشافعي؛ لأن الأنصاري قتل في خيبر، ولم يكن فيها إلا اليهود، وجميعهم أعداء؛ لأنه متى اختلط بهم غيرهم احتمل أن يكون القاتل ذلك الغير.

ثم ناقض القاضي قوله، فقال في قوم ازدحموا في مضيق فافترقوا عن قتيل: إن كان في القوم من بينهم وبينه عداوة وأمكن أن يكون هو قتله لكونه بقربه فهو لوث، فجعل العداوة لوثا مع وجود غير العدو، ولنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يسأل الأنصار هل كان بخيبر غير اليهود أم لا، مع أن الظاهر وجود غيرهم فيها؛ لأنها كانت أملاكا للمسلمين يقصدونها لأخذ غلات أملاكهم منها وعمارتها، والاطلاع عليها، والامتيار منها، ويبعد أن تكون مدينة على جادة تخلو من غير أهلها.

وقول الأنصار ليس لنا بخيبر عدو إلا يهود يدل على أنه قد كان بها غيرهم من ليس بعدو، ولأن اشتراكهم في العداوة لا يمنع من وجود اللوث في حق واحد، وتخصيصه بالدعوى مع مشاركة غيره في احتمال قتله، فلأن يمنع ذلك وجود من يبعد منه القتل أولى.


(١) المحلى ج١١ ص٨٢ - ٨٣. .
(٢) المنهاج وشرح نهاية المحتاج ج٧ ص ٣٨٩ - ٣٩٠. .